فقام يزيد بن قيس الأرحبي فقال: يا أمير المؤمنين إن الناس على جهاز وعدة، وأكثرهم أهل قوة، ومن ليس به ضعف (1) وليست به علة، فمر مناديك أن ينادي فليخرجوا إلى معسكرهم بالنخيلة فإن أخا الحرب ليس بالسئوم ولا النؤم، ولا الذي إذا أمكنته الفرص أملى لها واستشار فيها، ولا الذي يؤخر عمل الحرب في اليوم إلى غد وبعد غد.
فقال زياد بن النضر الحارثي: يا أمير المؤمنين [لقد] نصح لك يزيد بن قيس وقال ما عرفناه، فسر على بركة الله إلى عدوك راشدا معانا، فإن يرد الله بهم خيرا لا يدعوك رغبة عنك إلى من ليس مثلك في السابقة مع النبي صلى الله عليه وسلم والقدم في الإسلام والقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإ [ن] لا ينيبوا ويقبلوا ويأبوا إلا حربنا (2) يجدوا بهم علينا هوانا ورجونا أن يصرعهم الله إلى مصارع إخوانهم بالأمس.
فقال عبد الله بن بديل الخزاعي: إن القوم والله لو كانوا يريدون الله أو لله يعملون [ما خالفونا] ولكن القوم إنما يقاتلونا فرارا من الأسوة وحبا للأثرة، وضنا بسلطانهم وكراهية لفراق دنياهم التي في أيديهم وغلا ووحرا في صدورهم وعداوة يجدونها في أنفسهم.
وكيف يبايع معاوية عليا وقد قتل أخاه وخاله وجده، والله ما أظن أن يفعل دون أن تقصد فيهم المران وتقطع على هامهم السيوف، وتنثني حواجبهم بعمد الحديد (3) فتكون أمور جمة بين الفريقين.
فخرج علي رضي الله عنه فعسكر بالنخيلة، فلما توافي أصحابه بالنخيلة قام رجل