عن نفسك وإذا شئت فسر بنا إلى عدوك، فوالله ما ينجو من الموت من خافه، ولا يعطى البقاء من أحبه، ولا يعيش بالأمل إلا الأشقياء، وإنا لعلى يقين من ربنا أن نفسا لن تموت حتى يأتي أجلها. بل كيف لا نقاتل قوما هم كما وصف أمير المؤمنين، والله ما ازدادوا للإسلام إلا غشا ولا لأهله إلا بغضا، ولقد وليت عصابة منهم على طوائف من المسلمين فأسخطوا الرب، وأظلمت بأعمالهم الأرض، وأماتوا السنة، وأحيوا البدعة، وباعوا خلاقهم بعرض من الدنيا يسير (1) فعجل النهوض بنا إليهم نحاكمهم إلى الله فيما اختلفنا فيه حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين.
ثم قعد.
فقام عدي بن حاتم الطائي فقال: يا أمير المؤمنين ما قلت إلا بعلم ولا دعوت إلا إلى الحق، وما أمرت إلا برشد فإن رأيت أن تستأني هؤلاء القوم وتستديمهم حتى يقدم عليهم رسلك، ويقدم عليهم كتبك فعلت، فإن يقبلوا يصيبوا رشدهم، والعافية أوسع لنا ولهم، وإن يتمادوا في غيهم، ولم ينزعوا عن شقاقهم القانا ذلك (2) وقد تقدمنا إليهم بالعذر ودعوناهم إلى ما في أيدينا من الحق.
ولعمري لهم أهون علينا من قوم قاتلناهم أمس بناحية البصرة لما جهر [ت] لهم الحق فتركوه ناجزناهم القتال حتى رأينا فيهم ما نحب، وبلغ الله فيهم رضاه.
فقام زيد بن حصين الطائي - وكان من / 38 / أصحاب البرانس - فقال:
لعمري لئن كنا في شك من قتال من خالفنا [و] لا تصلح لنا النية في قتالهم حتى نستأنيهم ونستديمهم (3) ما الأعمال إلا في تباب ولا السعي إلا في ضلال ووالله - وبنعمة ربي