يقال له جندب بن زهير الأزدي والحارث الأعور الهمداني فقالا: قد آن للذين أخرجوا من ديارهم بغير حق أن يؤبوا فيغيروا، وللمظلومين والمحرومين أن ينتصروا (1) وللمنكرين الجور بقلوبهم أن ينطقوا. ألا إن المؤمنين استذلوا فقهروا، وقلوا فستروا، وأخرجوا من أموالهم وأخلوا عن أبنائهم ونسائهم (2) فصلحاء من عباد الله بالمشرق منفيون إلى المغرب، وصلحاء أسلافنا السابقين بالخيرات منفيون / 39 / من حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جوار الوحش والسباع بمنزلة الغربة والوحدة والوحشة، فالحدود معطلة والولاة فجرة، ودين الله مفقود، وكتابه ممزق وعهده منبوذ فما تنتظرون عباد الله من جهاد قوم لا يكفون عن الظلم، ولا يعطون حق الرب، ولا يحكمون بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون.
فقال الحارث بن عبيد الأعور في عراص كلام حدب كالمستجيب لقوله والمحرض معه: وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله - وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا وأموالنا - الذين يشربون الخمور ويلبسون الحرير، ويفترشون الديباج، ويزعمون أن فيئنا لهم حلال.
ثم قام عمرو بن الحمق فقال: يا أمير المؤمنين والله ما بايعتك ولا أجبتك على عرض من الدنيا تؤتنيه، ولا التماس سلطان ترفع ذكري به، ولكني أجبتك لخصال خمس: إنك ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولى الناس بالمؤمنين بالله (3) وزوج سيدة [نساء] الأمة [فاطمة] بنت رسول الله عليه السلام، وأبو الذرية التي بقيت فينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعظم رجل من المهاجرين والأنصار (4) سهما في الإسلام، فوالله لو كلفت نقل الجبال الرواسي ونزح البحار الطوامي أبدا حتى