ولسنا نحتج عليكم إلا بسلاحكم، ولا نأخذكم إلا بما رويتم لتعلموا أن الحق قوي، وأن الباطل وهي.
وما يحقق ما قلنا ويصدقه قول أبي بكر: " وليتكم ولست بخيركم " فقد أبان عن نفسه بخلاف ما قلتم، وكذبكم نصا في مقالتكم (1).
فإن زعم قوم أن قوله: " وليتكم ولست بخيركم " معناه: [لست بخيركم] نسبا. كان هذا من التأويل خطأ، لأن الخبر متى خرج مرسلا عاما، وحمل على الخصوص بطلت حجية الأخبار، وسقط الاحتجاج بالآثار فلم ينتج (2) علم أخبار الله في القرآن وسقطت المناظرة وتعلق كل مبطل بمثل هذه العلة وجعل العام خاصا، والخاص عاما، ولو ساغ هذا التأويل لساغ مثله في الخبر، لو جاء عن أبي بكر: وليتكم ولست بخيركم (3).
فإن قال قائل: لو قال هذا لم يكن للتأويل مساغ. قلنا: بلي. يقول: لست، بخيركم دينا فيما مضى ولست بخيركم دينا في نفس الولاية، فإنما كنت خيركم دينا بنفس السبق والهجرة. ومعنى قوله: لست بخيركم دينا، يريد أني لم أكن خيركم دينا من أجل ولايتكم.
وهذا أشد [خطأ] من الأول لأنه ذكر الولاية في كلامه ولم يذكر النسب، والكلام على عمومه يلزمكم مخرجه وظاهره، فمن ادعى الخصوص ادعى أمرا معينا لا يوصل إلى علمه إلا بأمر ظاهر أو خبر منصوص، وقائل هذا لم يذهب إلى معنى [يدل عليه ظاهر الكلام، أو خبر منصوص يبين المراد منه] غير أن ضيق الباطل يدعو صاحبه إلى مثل هذا التأويل.
وذلك لأن نسب أبي بكر كان معروفا عند القوم غير مجهول، ولم يكن بينهم