فمن فهم فسر جمل العلم، ومن علم صدر عن شرائع الحكم، ومن حلم لم يفرط في أمره، وعاش في الناس حميدا.
والجهاد على أربع شعب: على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصدق في المواطن، وشنآن الفاسقين.
فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف الكافر، ومن صدق في المواطن قضى ما عليه، ومن شنأ الفاسقين وغضب لله غضب الله له.
فذلك الإيمان وشعبه ودعائمه.
قال: فقام السائل إليه فقبل رأسه (1).
فهذا العلم بالتوحيد قد بان به، وهو أشرف العلوم منزلة وأعلاها مرتبة، سبق فيه العلماء، وتقدم فيه على الخطباء، وجعله رسما للمتعلمين وحجة على المنكرين.
فهذه صفته للإيمان مجملة ومفسرة [فهل] ترون أحدا جمعها وبلغها؟!
ثم فكروا في صفته للزهد، وترغيبه فيه، وذكره الدنيا وما ذكر من عبرها ومواعظها لتعلموا أنه قد جمع العلم بالزهد والعمل، وأنه استنبط هذه العلوم بالبحث الثاقب، والنظر النافذ، والاعتبار الشافي [و] اجتهد في ذلك طريق الأنبياء.