المعيار والموازنة - أبو جعفر الإسكافي - الصفحة ٢٣٠
يفد ذلك [في استرجاع فدك إليها] فصبر على مر الحق (1) عندما ظهر [من أبي بكر وعمر] من [الحرص البالغ والعزم القاطع على] الحكم [عليها] ثم ولي الأمر فأمضى ذلك على ما لم يزل (2).
(١) عفى الله عنك يا أبا جعفر، كيف ركنت إلى خرافة الحشوية واتباع خرافات ومختلقات معاوية، ورضيت لنفسك ما تذم به الحشوية؟ أليس من الواضحات الأولية أن منعهمفاطمة الزهراء صلوات الله عليها كان من أفحش الظلم، وكان أساس كل مرارة وظلامة ابتلي بها الأمة الإسلامية.
يا سبحان الله كيف يكون حقا ما تدعي فاطمة بنت رسول الله التي أذهب الله عنها الرجس - خلافه؟؟؟!!!
يا سبحان الله كيف يكون حقا ما يؤذي بضعة المصطفى التي قال أبوها في حقها: يؤذيني ما يؤذيها، ويؤلمني ما يؤلمها، ويسخطني ما يسخطها، ويرضيني ما يرضيها.
يا سبحان الله!!! العمل الذي يوجب غضب بضعة رسول الله صلى الله عليه وآله وتهجر القوم بسببه تبرما منهم وإنكارا عليهم كيف يمكن أن يحمل على الحق؟! فإن كان هذا العمل حقا فلا بد أن يكون غضب الزهراء باطلا، وأن يكون غضب رسول الله وأذاه من جهة غضب ابنته وأذيتها باطلا، وهذا هو الرد على رسول الله - وعلى كونه متبعا للحق - الذي كان يخوف أبو جعفر النواصب بأنه موجب للكفر!!!
يا سبحان الله! كيف يكون صنيعهم حقا وقضاؤهم قسطا، ومحور الحق علي بن أبي طالب يشهد لبنت رسول الله خلافا لحكمهم وقضائهم؟!
أيكون حكمهم حقا وباب مدينة علم النبي على خلافهم!!!؟
أيكون قضاؤهم في أخذ فدك قسطا، وعديل القرآن والحق علي بن أبي طالب الذي يدور مع القرآن والحق وهما معا يدوران معه، يكون على ضدهم وخلافهم؟؟؟!!
كيف يكون أخذهم فدك حقا وصوت الحق علي بن أبي طالب عليه السلام قد ملأ الدنيا صراخا وصياحا وشكاية وتظلما بقوله: بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء، فشحت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس آخرين!! ونعم الحكم الله، وما أصنع بفدك وغير فدك؟!.
(3) عفى الله عنك يا أبا جعفر لم تكن بليدا ولا كليل اللسان عن التعبير بالواقع، ما هذا التسامح في البيان، وعدم العناية للتعبير عن الواقع على ما هو عليه؟ هل يمكن إمضاء الظلم؟ هل تعهد من أولياء الله في آن من آنات الدنيا أنهم جوزوا الظلم؟! أو تصديق الظالمين ومجاراتهم إياهم في جورهم وعتوهم وطغيانهم؟!!!
معاذ الله أن ينسب إلى خليفة النبي ووصيه أن يمضي ظلم الظالمين أو يوقع أو يصدق جور الجائرين، وهو نصب للردع عن الظلم، وتشويه أعمال الظالمين، وتقبيح صنيعهم، وتحذير العالمين عن اتباع خطواتهم.
نعم، سكت عليه السلام عن التعرض لاستردادها ولم يسترجعها لما كان تمركز في داخلة المسلمين من الاختلالات الفادحة والانحرافات الشاسعة، وأراد أن يتدرج في إصلاح الاختلالات حتى لا يتسع الفتق عليه وعلى المسلمين.
وكيف يمكن أن يكون عدم استرداده لفدك في أيام خلافته دالا على إمضائه عمل القوم مع أنه عليه السلام يشكوهم إلى الله ويقول: ونعم الحكم الله، وما أصنع بفدك؟...
ويقول: اللهم إني أستعديك على قريش فإنهم قد قطعوا رحمي وأكفئوا إنائي وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به من غيري.. فراجع تمام كلامه في المختار: (25 و 215) من نهج البلاغة.
وكيف يمكن أن يتمسك أحد بعدم استرداد علي عليه السلام الفدك إلى أهل البيت، ويتفوه بأن هذا إمضاء منه عليه السلام لعمل القوم؟ مع ما يلمسه من انحراف قريش عن علي عليه السلام وتقليبهم الأمور عليه، وإجماعهم على خلافه؟!
وكيف يدل عدم استرجاعه فدكا على توقيعه لعمل القوم؟ وهو القائل: لو قد استوت قدماي من هذه المداحض لغيرت أشياء. كما في المختار: (275) من الباب الثالث من نهج البلاغة وغيره.
وكيف يصح الاستدلال بعدم تغييره عليه السلام قضاء القوم وسننهم على إمضائه لسننهم؟ مع ما صح وثبت عنه عليه السلام أنه أجاب القضاة في أيام خلافته وقال لهم: اقضوا على ما كنتم تقضون حتى يكون للناس اجتماع.