لفظ ابن ماجة وفي رواية البخاري فزعمت أنها حاضت ولم تطهر حتى دخلت ليلة عرفة فقالت يا رسول الله هذه ليلة عرفة وإنما كنت تمتعت بعمرة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم انقضي رأسك وامتشطي وأمسكي عن عمرتك الحديث قلت أجيب بأن الخبر ورد في مندوبات الإحرام والغسل في تلك الحال للتنظيف لا للصلاة والنزاع في غسل الصلاة ذكره الشوكاني في نيل الأوطار وقال في السيل الجرار واختصاص هذا بالحج لا يقتضي ثبوته في غيره ولا سيما وللحج مدخلة في مزيد التصييف ثم اقترانه بالامتشاط الذي لم يوجبه أحد يدل على عدم وجوبه انتهى الرابع لا يجب النقض على النساء وإن لم يصل الماء إلى داخل بعض شعرها المضفور ويجب على الرجل إذا لم يصل الماء إلى جميع شعره ظاهره وباطنه من غير نقض وهذا المذهب الرابع هو القوي من حيث الرواية والدراية فإنك تعلم أن النصوص الصحيحة قد دلت وقام الاجماع على أن عموم الغسل يجب في جميع الأجزاء من شعر وبشر حتى لا يتم الغسل إن بقي موضع يسير غير مغسول وهذا الحكم بعمومه يشمل الرجال والنساء لأن النساء شقائق الرجال لكن رخص الشارع للنساء في ترك نقض ضفر رؤوسهن يدل عليه حديث أم سلمة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه (قال لا) إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حفنات وكذا قول عائشة عجبا لابن عمرو هذا يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن الحديث وكذا حديث ثوبان المتقدم وإنما رخص النبي صلى الله عليه وسلم للنساء لتزداد حاجتهن وأجل مشقتهن فيه في نقض شعورهن المضفورة فحكم الرجال في ذلك مغاير للنساء فإذا لا يبل الرجال جميع شعورهم ظاهرها وباطنها لا يتم غسلهم بخلاف النساء فإنهن إذا صببن على رؤوسهن ثلاث حثيات تم غسلهن وإن لم يصل الماء إلى داخل بعض شعورهن المضفورة وأما الضفر للرجال فكان أقل القليل ونادرا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد الصحابة فلذا ما دعت حاجتهم لسؤاله إلى النبي صلى الله عليه وسلم وما اضطروا لاظهار مشقتهم لديه فلم يرخص لهم في ذلك وبقي لهم حكم تعميم غسل الرأس على وجوبه الأصلي وأما الجواب عن حديث عائشة أن أسماء بنت شكل سألت النبي صلى الله عليه وسلم وفيه فتدلكه دلكا شديدا حتى يبلغ الماء أصول شعرها فمن وجهين الأول أن هذا الحديث أخرجه الشيخان من طريق منصور بن صفية عن أمه عن عائشة ولم يذكر منصور هذه الجملة وأنما أتى بها إبراهيم بن المهاجر وهو ليس بقوي وأخرجه مسلم في المتابعات والثاني أنه يحمل حديث أم سلمة على الرخصة وحديث أسماء بنت شكل على العزيمة فلا منافاة والله تعالى أعلم والبسط في غاية المقصود
(٢٩٩)