أنس قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون تقرير الاستدلال أن النوم لو كان ناقضا لما أقرهم الله عليه ولأوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أوحى إليه في شأن نجاسة نعله المذهب الثاني أن النوم ينقض بكل حال قليله وكثيره وعلى أي هيئة كانت واستدل عليه بحديث صفوان بن عسال قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة لكن من غائط وبول ونوم وفي رواية قال أمرنا يعني النبي صلى الله عليه وسلم أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر ثلاثا إذا سافرنا ويوما وليلة إذا أقمنا ولا نخلعهما من غائط ولا بول ولا نوم ولا نخلعهما إلا من جناية فذكر الأحداث التي ينزع منها الخف والأحداث التي لا ينزع منها وعد من جملتها النوم فأشعر بذلك بأنه من نواقض الوضوء لا سيما بعد جعله مقترنا بالبول والغائط الذين هما ناقضان بالإجماع قالوا فجعل مطلق النوم كالغائط والبول في النقض وبحديث علي وفيه فمن نام فليتوضأ ولم يفرق بين قليل النوم وكثيره المذهب الثالث أن كثير النوم ينقض بكل حال وقليله لا ينقض بحال قال في السبل وهؤلاء يقولون إن النوم ليس بناقض بنفسه بل مظنة النقض والكثير مظنة بخلاف القليل إلا أنهم لم يذكروا قدر القليل ولا الكثير حتى يعلم كلامهم بحقيقته انتهى ملخصا المذهب الرابع أنه إذا نام على هيئة من هيئات المصلين كالراكع والساجد والقائم والقاعد لا ينقض وضوئه سواء كان في الصلاة أو لم يكن وإن نام مضطجعا أو مستلقيا على قفاه انتقض وهذا مذهب أبي حنيفة وداود وهو قول للشافعي غريب قاله النووي واستدلالهم بما أخرجه مالك عن عمر موقوفا إذا نام أحدكم مضطجعا فليتوضأ وبما أخرجه البيهقي في المعرفة عن أبي هريرة موقوفا ليس على المحتبي النائم ولا على القائم النائم ولا على الساجد النائم وضوء حتى يضطجع ولهؤلاء آثار وأحاديث آخر تدل على ما ذهبوا إليه المذهب الخامس أنه لا ينقض إلا نوم الراكع والساجد روي هذا عن ابن حنبل رحمه الله قاله النووي ولعل وجهه أن هيئة الركوع والسجود مظنة للانتقاض المذهب السادس أن النوم ينقض إلا نوم الراكع والساجد واستدل له بحديث إذا نام العبد وهو ساجد يقول الله انظروا إلى عبدي روحه عندي وهو ساجد لي أخرجه أحمد في الزهد قالوا هذا الحديث وإن كان خاصا بالسجود فقد قاس عليه الركوع
(٢٤٠)