ويقرأ ناظرا فيه فهو جائز (إلا وهو طاهر) أي متوضئ (وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق) وهو قول أبي حنيفة وبه يقول مالك قال في الموطأ ولا يحمل أحد المصحف بعلاقته ولا على وسادة إلا وهو طاهر ولو جاز ذلك لحل في خبيئته قال وإنما كره ذلك لمن يحمله وهو غير طاهر إكراما للقرآن وتعظيما له انتهى واستدلوا على ذلك بحديث أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابا وكان فيه لا يمس القرآن إلا طاهر رواه الأثرم والدارقطني وهو لمالك في الموطأ مرسلا عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم أن لا يمس القرآن إلا طاهر وقال الأثرم واحتج أبو عبد الله يعني أحمد بحديث ابن عمر ولا يمس المصحف إلا على طهارة كذا في المنتقى قال ابن عبد البر لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث وقد روى مسندا من وجه صالح وهو كتاب مشهور عند أهل السير معروف عند أهل العلم معرفة يستغني بها في شهرتها عن الإسناد لأنه أشبه المتواتر لتلقي الناس له بالقبول ولا يصح عليهم تلقي مالا يصح انتهى قلت لا شك في أن هذا الحديث يدل على أنه لا يجوز مس المصحف إلا لمن كان طاهرا ولكن الطاهر يطلق بالاشتراك على المؤمن والطاهر من الحدث الأكبر والأصغر ومن ليس على بدنه نجاسة ويدل لإطلاقه على الأول قول الله تعالى إنما المشركون نجس وقوله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة المؤمن لا ينجس وعلى الثاني وإن كنتم جنبا فاطهروا وعلى الثالث قوله صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين وعلى الرابع الإجماع على أن الشئ الذي ليس عليه نجاسة حسية ولا حكمية يسمى طاهرا وقد ورد إطلاق ذلك في كثير والذي يترجح أن المشترك مجمل في معانيه فلا يعمل به حتى يبين وقد وقع الإجماع على أنه لا يجوز للمحدث حدثا أكبر أن يمس المصحف وخالف في ذلك داود وأما المحدث حدثا أصغر فذهب ابن عباس والشعبي والضحاك إلى أنه يجوز له مس المصحف وقال القاسم وأكثر الفقهاء لا يجوز كذا في النيل قلت القول الراجح عندي قول أكثر الفقهاء وهو الذي يقتضه تعظيم القرآن وإكرامه والمتبادر من لفظ الطاهر في هذا الحديث هو المتوضئ وهو الفرد الكامل للطاهر والله تعالى أعلم وقال القاري في شرح قوله لا يمس القرآن إلا طاهر ما لفظه بخلاف غيره كالجنب والمحدث فإنه ليس له أن يمسه إلا بغلاف متجاف وكره بالكم قال الطيبي بيان لقوله تعالى لا يمسه إلا المطهرون فإن الضمير إما للقرآن والمراد نهي الناس عن مسه إلا على الطهارة وإما للوح ولا نافية ومعنى المطهرون الملائكة
(٣٨٧)