الشذى ما لفظه واستمر الترجيع في مكة إلى عهد الشافعي وكان السلف يشهدون وسم الحج كل سنة ولم ينكر أحد انتهى قلت والأمر كما قالا ولكنهما مع هذا الاعتراف لم يقولا بسنية الترجيع في الأذان فأما صاحب بذل المجهود فأجاب عن حديث أبي محذورة بأن الترجيع في أذانه لم يكن لأجل الأذان بل كان لأجل التعليم فإنه كان كافرا فكرر رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهادتين برفع الصوت لترسخا في قلبه كما تدل عليه قصته المفصلة فظن أبو محذورة أنه ترجيع وأنه في أصل الأذان انتهى قلت هذا الجواب مردود كما عرفت آنفا ثم قال صاحب البذل مستدلا على عدم سنية الترجيع ما لفظه وقد روى الطبراني في معجمه الأوسط عن أبي محذورة أنه قال ألقي على رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان حرفا حرفا الله أكبر الله أكبر إلى آخره لم يذكر فيه ترجيعا انتهى قلت أجاب عن هذه الرواية في نصب الراية فقال بعد ذكر هذه الرواية وهذا معارض للرواية المتقدمة التي عند مسلم وغيره ورواه أبو داود في سننه حدثنا النفيلي ثنا إبراهيم بن إسماعيل فذكره بهذا الإسناد وفيه ترجيع انتهى ثم قال وأيضا يدل على عدم الترجيع ما رواه أبو داود والنسائي عن ابن عمر إنما كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين والإقامة مرة غير أن يقول قد قامت الصلاة انتهى قلت قد تقدم الجواب عن هذه الرواية فتذكر ثم هذه الرواية إن تدل على عدم الترجيع فتدل أيضا على عدم تثنية الإقامة فعليهم أن يقولوا بعدم تثنيتها أيضا وأما صاحب العرف الشذي فقال إن رجع الحنفي في الأذان ففي البحر أنه يباح ليس بسنة ولا مكروه وعليه الاعتماد وقال الحق ثبوت الترجيع ووجه الرجحان لنا في عدم الترجيع أن بلالا استمر أمره بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل تعليمه عليه السلام الأذان أبا محذورة وبعده انتهى قلت قد استمر الترجيع أيضا من حين تعليمه عليه السلام الأذان بالترجيع أبا محذورة إلى عهد الشافعي كما اعترف هو به فحاصل الكلام أنه ليس لإنكار سنية الترجيع في الأذان وجه إلا التقليد أو قلة الاطلاع باب ما جاء في إفراد الإقامة
(٤٩٠)