[بسم الله الرحمن الرحيم] قوله (بسم الله الرحمن الرحيم) افتتح الكتاب بالبسملة اقتداء بكتاب الله العظيم، واقتفاء بكتب نبيه الكريم، وعملا بحديثه في بداءة كل أمر ذي بال ببسم الله الرحمن الرحيم. وهو ما أخرجه الحافظ عبد القادر الرهاوي في أربعينه من حديث أبي هريرة مرفوعا " كل أمر ذي بال لا يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع " واقتصر المصنف على البسملة كالامام البخاري في صحيحه، وكأكثر المتقدمين في تصانيفهم، ولم يأت بالحمد والشهادة، مع ورود قوله (صلى الله عليه وسلم) " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع " وقوله " كل خطبة ليس فيها شهادة فهي كاليد الجذماء " وأخرجهما أبو داود وغيره من حديث أبي هريرة، لما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: من أن الحديثين في كلم منهما مقال، سلمنا صلاحيتهما للحجة لكن ليس فيهما أن ذلك اقتصارا على البسملة، لان القدر الذي يجمع الأمور الثلاثة ذكر الله، وقد حصل بها، انتهى كلام الحافظ. قلت: قد جاء في رواية لفظ " ذكر الله ". ففي مسند الإمام أحمد: حدثنا أبي حدثنا يحيى بن آدم حدثنا ابن المبارك عن الأوزاعي عن قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " كل أمر ذي بال لا يفتتح بذكر الله فهو أبتر أو أقطع " فبهذه الرواية يجمع بين الروايات الثلاث المختلفة ما لفظه: وأما الحمد والبسملة فجائز ان، يعني بهما ما هو الأعم منهما وهو ذكر الله والثناء عليه على الجملة، إما بصيغة الحمد أو غيرها، ويدل على ذلك رواية ذكر الله، وحينئذ فالحمد والذكر والبسملة سواء، وجائز أن يعني خصوص الحمد وخصوص البسملة، وحينئذ فرواية الذكر أعم، فيقضى لها على الروايتين الأخريين لأن المطلق إذا قيد بقيدين والبسملة متنافيان لم يحمل على واحد منهما، ويرجع إلى أصل الاطلاق، وإنما قلنا إن خصوص الحمد والبسملة متنافيان، لان البداءة إنما تكون بواحد، ولو وقع الابتداء بالحمد لما وقع بالبسملة وعكسه، ويدل على أن المراد الذكر، فتكون روايته هي المعتبرة [و] أن غالب الاعمال الشرعية غير مفتتحة بالحمد، ولم لا يكون المراد ما هو أعم من لفظ الحمد والبسملة، ويدل على ذلك ما ذكرت لك من الاعمال الشرعية التي لم يشرع الشارع افتتاحها بالحمد بخصوصه. انتهى كلام التاج السبكي. ثم قال الحافظ ابن حجر في تأييد كلامه المذكور: ويؤيده أن أول شئ نزل من القرآن اقرأ باسم ربك، فطريق التأسي به
(٩)