بعده وترجم في الزكاة لبقيته وقد تقدم في كتاب الشرب من طريق أبي صالح عن أبي هريرة بتمامه وبدأ فيه بالمعدن وثنى بالبئر وأورده هنا من طريق الليث قال حدثني ابن شهاب وهذا مما سمعه الليث عن الزهري وهو كثير الرواية عنه بواسطة وبغير واسطة (قوله عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة) كذا جمعهما الليث ووافقه الأكثر واقتصر بعضهم على أبي سلمة وتقدم في الزكاة من رواية مالك عن ابن شهاب فقال عن سعيد بن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن وهذا قد يظن أنه عن سعيد مرسل وعن أبي سلمة موصول وقد أخرجه مسلم والنسائي من رواية يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة قال الدارقطني المحفوظ عن ابن شهاب عن سعيد وأبي سلمة وليس قول يونس بمدفوع (قلت) قد تابعه الأوزاعي عن الزهري في قوله عن عبيد الله لكن قال عن ابن عباس بدل أبي هريرة وهو وهم من الراوي عنه يوسف بن خالد كما نبه عليه بن عدي وقد روى سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد وحده عن أبي هريرة شيئا منه وروى بعض الضعفاء عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أنس بعضه ذكره ابن عدي وهو غلط وأخرج مسلم الحديث بتمامه من رواية الأسود بن العلاء عن أبي سلمة وقد رواه عن أبي هريرة جماعة غير من ذكر منهم محمد بن زياد كما في الباب الذي بعد وهمام بن منبه أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي (قوله العجماء) بفتح المهملة وسكون الجيم وبالمد تأنيث أعجم وهي البهيمة ويقال أيضا لكل حيوان غير الانسان ويقال لمن لا يفصح والمراد هنا الأول (قوله جبار) بضم الجيم وتخفيف الموحدة هو الهدر الذي لا شئ فيه كذا أسنده ابن وهب عن ابن شهاب وعن مالك ما لا دية فيه أخرجه الترمذي وأصله أن العرب تسمي السيل جبارا أي لا شئ فيه وقال الترمذي فسر بعض أهل العلم قالوا العجماء الدابة المنفلتة من صاحبها فما أصابت من انفلاتها فلا غرم على صاحبها وقال أبو داود بعد تخريجه العجماء التي تكون منفلتة لا يكون معها أحد وقد تكون بالنهار ولا تكون بالليل ووقع عند بن ماجة في آخر حديث عبادة بن الصامت والعجماء البهيمة من الانعام وغيرهم والجبار هو الهدر الذي لا يغرم كذا وقع التفسير مدرجا وكأنه من رواية موسى ابن عقبة وذكر ابن العربي أن بناء ج ب ر للرفع والاهدار من باب السلب وهو كثير يأتي اسم الفعل والفاعل لسلب معناه كما يأتي لاثبات معناه وتعقبه شيخنا في شرح الترمذي بأنه للرفع على بابه لان اتلافات الآدمي مضمونة مقهور متلفها على ضمانها وهذا اتلاف قد ارتفع عن أن يؤخذ به أحد وسيأتي بقية ما يتعلق بالعجماء في الباب الذي يليه (قوله والبئر جبار) في رواية الأسود بن العلاء عند مسلم والبئر جرحها جبار أما البئر فهي بكسر الموحدة ثم ياء ساكنة مهموزة ويجوز تسهيلها وهي مؤنثة وقد تذكر على معنى القليب والطوى والجمع أبؤر وآبار بالمد والتخفيف وبهمزتين بينهما موحدة ساكنة قال أبو عبيد المراد بالبئر هنا العادية القديمة التي لا يعلم لها مالك تكون في البادية فيقع فيها انسان أو دابة فلا شئ في ذلك على أحد وكذلك لو حفر بئرا في ملكه أو في موات فوقع فيها انسان أو غيره فتلف فلا ضمان إذا لم يكن منه تسبب إلى ذلك ولا تغرير وكذا لو استأجر انسانا ليحفر له البئر فانهارت عليه فلا ضمان وأما من حفر بئرا في طريق المسلمين وكذا في ملك غيره بغير إذن فتلف بها انسان فإنه يجب ضمانه على عاقلة الحافر والكفارة في ماله وان تلف بها غير آدمي وجب ضمانه في مال الحافر ويلتحق بالبئر كل حفرة على التفصيل المذكور
(٢٢٥)