ألفاظ الرواة فيها على ما تقدم بيانه فلا يستقيم الاستدلال بلفظ منها لعدم تحقق أنه اللفظ الصادر من النبي صلى الله عليه وسلم واستدل من قال بالقود أيضا بما أخرجه مسلم والنسائي من طريق الزهري عن سليمان بن يسار وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن القسامة كانت في الجاهلية وأقرها النبي صلى الله عليه وسلم على ما كانت عليه من الجاهلية وقضى بها بين ناس من الأنصار في قتيل ادعوه على يهود خيبر وهذا يتوقف على ثبوت أنهم كانوا في الجاهلية يقتلون في القسامة وعند أبي داود من طريق عبد الرحمن بن بجيد بموحدة وجيم مصغر قال إن سهلا يعني بن أبي حثمة وهم في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى يهود إنه قد وجد بين أظهركم قتيل فدوه فكتبوا يحلفون ما قتلناه ولا علمنا قاتلا قال فوداه من عنده وهذا رده الشافعي بأنه مرسل ويعارض ذلك ما أخرجه ابن مندة في الصحابة من طريق مكحول حدثني عمرو بن أبي خزاعة أنه قتل فيهم قتيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل القسامة على خزاعة بالله ما قتلنا ولا علمنا قاتلا فحلف كل منهم عن نفسه وغرم الدية وعمرو مختلف في صحبته وأخرج بن أبي شيبة بسند جيد إلى إبراهيم النخعي قال كانت القسامة في الجاهلية إذا وجد القتيل بين ظهري قوم أقسم منهم خمسون خمسين يمينا ما قتلنا ولا علمنا فان عجزت الايمان ردت عليهم ثم عقلوا وتمسك من قال لا يجب فيها إلا الدية بما أخرجه الثوري في جامعه وابن أبي شيبة وسعيد بن منصور بسند صحيح إلى الشعبي قال وجد قتيل بين حيين من العرب فقال عمر قيسوا ما بينهما فأيهما وجدتموه إليه أقرب فأحلفوهم خمسين يمينا وأغرموهم الدية وأخرجه الشافعي عن سفيان بن عيينة عن منصور عن الشعبي أن عمر كتب في قتيل وجد بين خيران ووادعة أن يقاس ما بين القريتين فإلى أيهما كان أقرب أخرج إليهم منهم خمسون رجلا حتى يوافوه مكة فأدخلهم الحجر فأحلفهم ثم قضى عليهم الدية فقال حقنت أيمانكم دماءكم ولا يطل دم رجل مسلم قال الشافعي إنما أخذه الشعبي عن الحرث الأعور والحرث غير مقبول انتهى وله شاهد مرفوع من حديث أبي سعيد عند أحمد أن قتيلا وجد بين حيين فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقاس إلى أيهما أقرب فألقى ديته على الأقرب ولكن سنده ضعيف وقال عبد الرزاق في مصنفه قلت لعبيد الله بن عمر العمري أعلمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقاد بالقسامة قال لا قلت فأبو بكر قال لا قلت فعمر قال لا قلت فلم تجترئون عليها فسكت وأخرج البيهقي من طريق القاسم بن عبد الرحمن أن عمر قال القسامة توجب العقل ولا تسقط الدم واستدل به الحنفية على جواز سماع الدعوى في القتل على غير معين لان الأنصار ادعوا على اليهود أنهم قتلوا صاحبهم وسمع النبي صلى الله عليه وسلم دعواهم ورد بأن الذي ذكره الأنصار أولا ليس على صورة الدعوى بين الخصمين لان من شرطها إذا لم يحضر المدعى عليه أن يتعذر حضوره سلمنا ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين لهم أن الدعوى إنما تكون على واحد لقوله تقسمون على رجل منهم فيدفع إليكم برمته واستدل بقوله على رجل منهم على أن القسامة إنما تكون على رجل واحد وهو قول أحمد ومشهور قول مالك وقال الجمهور ويشترط أن تكون على معين سواء كان واحدا أو أكثر واختلفوا هل يختص القتل بواحد أو يقتل الكل وقد تقدم البحث فيه وقال أشهب لهم أن يحلفوا على جماعة ويختاروا واحدا للقتل ويسجن الباقون عاما
(٢٠٩)