ويضربون مائة مائة وهو قول لم يسبق إليه وفيه أن الحلف في القسامة لا يكون الا مع الجزم بالقاتل والطريق إلى ذلك المشاهدة وأخبار من يوثق به مع القرينة الدالة على ذلك وفيه أن من توجهت عليه اليمين فنكل عنها لا يقضى عليه حتى يرد اليمين على الآخر وهو المشهور عند الجمهور وعند أحمد والحنفية يقضى عليه دون رد اليمين وفيه ان أيمان القسامة خمسون يمينا واختلف في عدد الحالفين فقال الشافعي لا يجب الحق حتى يحلف الورثة خمسين يمينا سواء قلوا أم كثروا فلو كان بعد الايمان حلف كل واحد منهم يمينا وإن كانوا أقل أو نكل بعضهم ردت الايمان على الباقين فإن لم يكن إلا واحد حلف خمسين يمينا واستحق حتى لو كان من يرث بالفرض والتعصيب أو بالنسب والولاء حلف واستحق وقال مالك إن كان ولي الدم واحدا ضم إليه آخر من العصبة ولا يستعان بغيرهم وإن كان الأولياء أكثر حلف منهم خمسون قال الليث لم أسمع أحدا يقول أنها تنزل عن ثلاثة أنفس وقال الزهري عن سعيد بن المسيب أول من نقص القسامة عن خمسين معاوية قال الزهري وقضى به عبد الملك ثم رده عمر بن عبد العزيز إلى الأمر الأول واستدل به على تقديم الاسن في الامر المهم إذا كانت فيه أهلية ذلك لا ما إذا كان عريا عن ذلك وعلى ذلك يحمل الامر بتقديم الأكبر في حديث الباب إما لان ولي الدم لم يكن متأهلا فأقام الحاكم قريبه مقامه في الدعوى وإما لغير ذلك وفيه التأنيس والتسلية لأولياء المقتول لا أنه حكم على الغائبين لأنه لم يتقدم صورة دعوى على غائب وإنما وقع الاخبار بما وقع فذكر لهم قصة الحكم على التقديرين ومن ثم كتب إلى اليهود بعد أن دار بينهم الكلام المذكور ويؤخذ منه أن مجرد الدعوى لا توجب إحضار المدعى عليه لان في احضاره مشغلة عن إشغاله وتضييعا لماله من غير موجب ثابت لذلك أما ما يقوي الدعوى من شبهة ظاهرة فهل يسوغ استحضار الخصم أولا محل نظر والراجح أن ذلك يختلف بالقرب والبعد وشدة الضرر وخفته وفيه الاكتفاء بالمكاتبة وبخبر الواحد مع إمكان المشافهة وفيه أن اليمين قبل توجيهها من الحاكم لا أثر لها لقول اليهود في جوابهم والله ما قتلنا وفي قولهم لا نرضى بأيمان اليهود استبعاد لصدقهم لما عرفوه من إقدامهم على الكذب وجراءتهم على الايمان الفاجرة واستدل به على أن الدعوى في القسامة لا بد فيها من عداوة أو لوث واختلف في سماع هذه الدعوى ولو لم توجب القسامة فعن أحمد روايتان وبسماعها قال الشافعي لعموم حديث اليمين على المدعى عليه بعد قوله لو يعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء رجال وأموالهم ولأنها دعوى في حق آدمي فتسمع ويستحلف وقد يقر فيثبت الحق في قتله ولا يقبل رجوعه عنه فلو نكل ردت على المدعي واستحق القود في العمد والدية في الخطأ وعن الحنفية لا ترد اليمين وهي رواية عن أحمد واستدل به على أن المدعين والمدعى عليهم إذا نكلوا عن اليمين وجبت الدية في بيت المال وقد تقدم ما فيه قريبا واستدل به على أن من يحلف في القسامة لا يشترط أن يكون رجلا ولا بالغا لاطلاق قوله خمسين منكم وبه قال ربيعة والثوري والليث والأوزاعي وأحمد وقال مالك لا مدخل للنساء في القسامة لان المطلوب في القسامة القتل ولا يسمع من النساء وقال الشافعي لا يحلف في القسامة إلا الوارث البالغ لأنها يمين في دعوى حكمية فكانت كسائر الايمان ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة واختلف في القسامة هل هي معقولة المعنى فيقاس عليها أو لا والتحقيق أنها معقولة المعنى لكنه
(٢١٠)