إلا طارت إليه به ولم يرض بسند هذه الزيادة فلم يدخله في كتابه وقد فعل مثل هذا في كتابه كثيرا كما يترجم بالشئ ولا يذكره ويشير إلى أنه روى في بعض طرقه وانما لم يذكره للين في سنده وأعجلته المنية عن تهذيب كتابه انتهى وقد نقل كلام المهلب جماعة من الشراح ساكتين عليه وعليه مآخذ أصلها إدخال حديث بن عمر في هذا الباب وليس منه بل له باب مستقل وأشدها تفسيره السرقة بالكلة فاني لم أره لغيره قال أبو عبيدة السرقة قطعة من حرير وكأنها فارسية وقال الفارابي شقة من حرير وفي النهاية قطعة من جيد الحرير زاد بعضهم بيضاء ويكفي في رد تفسيرها بالكلة والهودج قوله في نفس الخبر رأيت كأن بيدي قطعة استبرق وتخيله أن في حديث ابن عمر الزيادة المذكورة لا أصل لها فجميع ما رتبه عليه كذلك وقلده ابن المنير فذكر الترجمة كما ترجم وزاد عليه أن قال روى غير البخاري هذا الحديث أي حديث ابن عمر بزيادة عمود الفسطاط ووضع ابن عمر له تحت وسادته ولكن لم توافق الزيادة شرطها فأدرجها في الترجمة نفسها وفساد ما قال يظهر مما تقدم والمعتمد أن البخاري أشار بهذه الترجمة إلى حديث جاء من طريق أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في منامه عمود الكتاب أنتزع من تحت رأسه الحديث وأشهر طرقه ما أخرجه يعقوب بن سفيان والطبراني وصححه الحاكم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بينا أنا نائم رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي فأتبعته بصري فإذا هو قد عهد به إلى الشام إلا وإن الايمان حين تقع الفتن بالشام وفي رواية فإذا وقعت الفتن فالأمن بالشام وله طريق عند عبد الرزاق رجاله رجال الصحيح إلا أن فيه انقطاعا بين أبي قلابة وعبد الله بن عمرو ولفظه عنده أخذوا عمود الكتاب فعمدوا به إلى الشام وأخرج أحمد ويعقوب بن سفيان والطبراني أيضا عن أبي الدرداء رفعه بينا أنا نائم رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي فظننت أنه مذهوب به فأتبعته بصر فعمد به إلى الشام الحديث وسنده صحيح وأخرج يعقوب والطبراني أيضا عن أبي أمامة نحوه وقال انتزع من تحت وسادتي وزاد بعد قوله بصري فإذا هو نور ساطع حتى ظننت أنه قد هوى به فعمد به إلى الشام وإني أولت أن الفتن إذا وقعت أن الأمان بالشام وسنده ضعيف وأخرج الطبراني أيضا بسند حسن عن عبد الله بن حوالة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت ليلة أسرى بي عمودا أبيض كأنه لواء تحمله الملائكة فقلت ما تحملون قالوا عمود الكتاب أمرنا أن نضعه بالشام قال وبينا أنا نائم رأيت عمود الكتاب اختلس من تحت وسادتي فظننت أن الله تخلى عن أهل الأرض فتبعته بصري فإذا هو نور ساطع حتى وضع بالشام وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد والطبراني بسند ضعيف وعن عمر عند يعقوب والطبراني كذلك وعن ابن عمر في فوائد المخلص كذلك وهذه طرق يقوى بعضها بعضا وقد جمعها بن عساكر في مقدمة تاريخ دمشق وأقربها إلى شرط البخاري حديث أبي الدرداء فإنه أخرج رواته إلا أن فيه اختلافا على يحيى بن حمزة في شيخه هل هو ثور بن يزيد أو زيد بن واقد وهو غير قادح لان كلا منهما ثقة من شرطه فلعله كتب الترجمة وبيض للحديث لينظر فيه فلم يتهيأ له أن يكتبه وانما ترجم بعمود الفسطاط ولفظ الخبر في عمود الكتاب إشارة إلى أن من رأى عمود الفسطاط في منامه فإنه يعبر بنحو ما وقع في الخبر المذكور وهو قول العلماء بالتعبير قالوا من رأى في منامه عمودا فإنه يعبر بالدين أو برجل يعتمد عليه فيه وفسروا العمود
(٣٥٤)