وقد جاء في بعض الأحاديث المرفوعة تأويله بالفطرة كما أخرجه البزار من حديث أبي هريرة رفعه اللبن في المنام فطرة وعند الطبراني من حديث أبي بكرة رفعه من رأى أنه شرب لبنا فهو الفطرة ومضى في حديث أبي هريرة في أول الأشربة أنه صلى الله عليه وسلم لما أخذ قدح اللبن قال له جبريل الحمد لله الذي هداك للفطرة وذكر الدينوري أن اللبن المذكور في هذا يختص بالإبل أنه لشاربه مال حلال وعلم وحكمة قال ولبن البقر خصب السنة ومال حلال وفطرة أيضا ولبن الشاة مال وسرور وصحة جسم وألبان الوحش شك في الدين وألبان السباع غير محمودة إلا أن لبن اللبوة مال مع عداوة لذي أمر (قوله حدثنا عبدان) كذا للجميع ووقع في أطراف المزي أن البخاري أخرج هذا في التعبير عن أبي جعفر محمد بن الصلت وفي فضل عمر عن عبدان الموجود في الصحيح بالعكس وعبد هو ابن المبارك ويونس هو ابن يزيد وحمزة الراوي عن ابن عمر هو ولده ووقع في الباب الذي يليه من وجه آخر عن الزهري عن حمزة أنه سمع عبد الله بن عمر قال ابن العربي لم يخرج البخاري هذا الحديث من غير هذه الطريق وكان ينبغي على طريقته أن يخرجه عن غيره ولو وجد (قلت) بل وجد وأخرجه كما تقدم في فضل عمر من طريق سالم أخي حمزة عن أبيهما وإشارته إلى أن طريقة البخاري أن يخرج الحديث من طريقين فصاعدا إلا أن لا يجد في مقام المنع (قوله حتى إني لا رى الري يخرج في أظافيري) في رواية الكشميهني من أظافيري وفي رواية صالح بن كيسان من أطرافي وهذه الرؤيا يحتمل أن تكون بصرية وهو الظاهر ويحتمل أن تكون علمية ويؤيد الأول ما عند الحاكم والطبراني من طريق أبي بكر بن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده في هذا الحديث فشربت حتى رأيته يجري في عروقي بين الجلد واللحم على أنه محتمل أيضا (قوله ثم أعطيت فضلي يعني عمر) كذا في الأصل كأن بعض رواته شك ووقع في رواية صالح بن كيسان بالجزم ولفظه فأعطيت فضلي عمر بن الخطاب وفي رواية أبي بكر بن سالم ففضلت فضلة فأعطيتها عمر (قوله قالوا فما أولته) في رواية صالح فقال من حوله وفي رواية سفيان بن عيينة عن الزهري عند سعيد بن منصور ثم ناول فضله عمر قال ما أولته وظاهره أن السائل عمر ووقع في رواية أبي بكر بن سالم أنه صلى الله عليه وسلم قال لهم أولوها قال يا نبي الله هذا علم أعطاكه الله فملاك منه ففضلت فضلة فأعطيتها عمر قال أصبتم ويجمع بأن هذا وقع أولا ثم أحتمل عندهم أن يكون عند في تأويلها زيادة على ذلك فقالوا ما أولته الخ وقد تقدم بعض شرح هذا الحديث في كتاب العلم وبعضه في مناقب عمر قال ابن العربي اللبن رزق يخلقه الله طيبا بين أخباث من دم وفرث كالعلم نور يظهره الله في ظلمة الجهل فضرب به المثل في المنام قال بعض العارفين الذي خلص اللبن بين فرث ودم قادر على أن يخلق المعرفة من بين شك وجهل ويحفظ العمل عن غفلة وزلل وهو كما قال لكن اطردت العادة بأن العلم بالتعلم والذي ذكره قد يقع خارقا للعادة فيكون من باب الكرامة وقال ابن أبي جمرة تأول النبي صلى الله عليه وسلم اللبن بالعلم اعتبارا بما بين له أول الأمر حين أتى بقدح خمر وقدح لبن فأخذ اللبن فقال له جبريل أخذت الفطرة الحديث قال وفي الحديث مشروعية قص الكبير رؤياه على من دونه وإلقاء العالم المسائل واختبار أصحابه في تأويلها وأن من الأدب أن يرد الطالب علم ذلك إلى معلمه قال والذي يظهر أنه لم يرد منهم أن يعبروها وانما أرادوا أن يسألوه عن تعبيرها ففهموا مراده فسألوه فأفادهم وكذلك
(٣٤٧)