ابن سيار الحافظ المروزي قال سمعت أحمد بن عتيك يقول قال علي بن المديني من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه ولو ساعة من نهار فهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقد بسطت هذه المسألة فيما جمعته من علوم الحديث وهذا القدر في هذا المكان كاف ثم ذكر المصنف في الباب ثلاثة أحاديث * أحدها حديث جابر بن عبد الله عن أبي سعيد وهو من رواية صحابي عن صحابي (قوله يأتي على الناس زمان فيغزو فئام) بكسر الفاء ثم تحتانية بهمزة وحكي فيه ترك الهمزة أي جماعة وقد تقدم ضبطه في باب من استعان بالضعفاء في أوائل الجهاد ويستفاد منه بطلان قول من ادعى في هذه الأعصار المتأخرة الصحبة لان الخبر يتضمن استمرار الجهاد والبعوث إلى بلاد الكفار وانهم يسألون هل فيكم أحد من أصحابه فيقولون لا وكذلك في التابعين وفي اتباع التابعين وقد وقع كل ذلك فيما مضى وانقطعت البعوث عن بلاد الكفار في هذه الاعصار بل انعكس الحال في ذلك على ما هو معلوم مشاهد من مدة متطاولة ولا سيما في بلاد الأندلس وضبط أهل الحديث اخر من مات من الصحابة وهو على الاطلاق أبو الطفيل عامر ابن واثلة الليثي كما جزم به مسلم في صحيحه وكان موته سنة مائة وقيل سنة سبع ومائة وقيل سنة عشر ومائة وهو مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بشهر على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها اليوم أحد ووقع في رواية أبي الزبير عن جابر عند مسلم ذكر طبقة رابعة ولفظه يأتي على الناس زمان يبعث منهم البعث فيقولون انظروا هل تجدون فيكم أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيوجد الرجل فيفتح لهم ثم يبعث البعث الثاني فيقولون انظروا إلى أن قال ثم يكون البعث الرابع وهذه الرواية شاذة وأكثر الروايات مقتصر على الثلاثة كما سأوضح ذلك في الحديث الذي بعده ومثله حديث واثلة رفعه لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رآني وصاحبني الحديث أخرجه ابن أبي شيبة وإسناده حسن * الحديث الثاني (قوله حدثنا إسحاق) هو ابن راهويه وبذلك جزم ابن السكن وأبو نعيم في المستخرج والنضر هو ابن شميل وأبو جمرة بالجيم والراء صاحب ابن عباس وحدث هنا عن تابعي مثله (قوله خير أمتي قرني) أي أهل قرني والقرن أهل زمان واحد متقارب اشتركوا في أمر من الأمور المقصودة ويقال ان ذلك مخصوص بما إذا اجتمعوا في زمن نبي أو رئيس يجمعهم على ملة أو مذهب أو عمل ويطلق القرن على مدة من الزمان واختلفوا في تحديدها من عشرة أعوام إلى مائة وعشرين لكن لم أر من صرح بالسبعين ولا بمائة وعشرة وما عدا ذلك فقد قال به قائل وذكر الجوهري بين الثلاثين والثمانين وقد وقع في حديث عبد الله بن بسر عند مسلم ما يدل على أن القرن مائة وهو المشهور وقال صاحب المطالع القرن أمة هلكت فلم يبق منهم أحد وثبتت المائة في حديث عبد الله بن بسر وهي ما عند أكثر أهل العراق ولم يذكر صاحب المحكم الخمسين وذكر من عشر إلى سبعين ثم قال هذا هو القدر المتوسط من أعمار أهل كل زمن وهذا اعدل الأقوال وبه صرح ابن الأعرابي وقال إنه مأخوذ من الاقران ويمكن ان يحمل عليه المختلف من الأقوال المتقدمة ممن قال إن القرن أربعون فصاعدا اما من قال إنه دون ذلك فلا يلتئم على هذا القول والله أعلم والمراد بقرن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحابة وقد سبق في صفة
(٤)