على أن صلاة الخوف متأخرة عن غزوة الخندق فتعين أن تكون ذات الرقاع بعد بني قريظة فتعين أن المراد الغزوات التي وقع فيها القتال والأولى منها بدر والثانية أحد والثالثة الخندق والرابعة قريظة والخامسة المريسيع والسادسة خيبر فيلزم من هذا أن تكون ذات الرقاع بعد خيبر للتنصيص على أنها السابعة فالمراد تاريخ الوقعة لا عدد المغازي وهذه العبارة أقرب إلى إرادة السنة من العبارة التي وقعت عند أحمد بلفظ وكانت صلاة الخوف في السابعة فإنه يصح أن يكون التقدير في الغزوة السابعة كما يصح في غزوة السنة السابعة (قوله وقال ابن عباس صلى النبي صلى الله عليه وسلم يعني صلاة الخوف بذي قرد) بفتح القاف والراء هو موضع على نحو يوم من المدينة مما بلى بلاد غطفان وحديث ابن عباس هذا وصله النسائي والطبراني من طريق أبي بكر ابن أبي الجهم عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بذي قرد صلاة الخوف مثل صلاة حذيفة وأخرجه أحمد وإسحاق من هذا الوجه بلفظ فصف الناس خلفه صفين صف موازي العدو وصف خلفه فصلى بالذي يليه ركعة ثم ذهبوا إلى مصاف الآخرين وجاء الآخرون فصلى بهم ركعة أخرى انتهى وقد تقدم حديث ابن عباس في باب صلاة الخوف من طريق الزهري عن عبيد الله به نحو هذا لكن ليس فيه بذي قرد وزاد فيه والناس كلهم في صلاة ولكن يحرس بعضهم بعضا وحمله الجمهور على أن العدو كانوا في جهة القبلة كما سيأتي بعد قليل وهذه الصفة تخالف الصفة التي وصفها جابر فيظهر أنهما قصتان لكن البخاري أراد من إيراد حديث ابن عباس وحديث سلمة بن الأكوع الموافق له في تسميته الغزوة الإشارة أيضا إلى أن غزوة ذات الرقاع كانت بعد خيبر لان في حديث سلمة التنصيص على أنها كانت بعد الحديبية وخيبر كانت قرب الحديبية لكن يعكر عليه اختلاف السبب والقصد فإن سبب غزوة ذات الرقاع ما قيل لهم إن محارب يجمعون لهم فخرجوا إليهم إلى بلاد غطفان وسبب غزوة القرد إغارة عبد الرحمن بن عيينة على لقاح المدينة فخرجوا في آثارهم ودل حديث سلمة على أنه بعد أن هزمهم وحده واستنقذ اللقاح منهم أن المسلمين لم يصلوا في تلك الخرجة إلى بلاد غطفان فافترقا وأما الاختلاف في كيفية صلاة الخوف بمجرده فلا يدل على التغاير لاحتمال أن تكون وقعت في الغزوة الواحدة على كيفيتين في صلاتين في يومين بل في يوم واحد (قوله وقال بكر بن سوادة حدثني زياد بن نافع عن أبي موسى ان جابرا حدثهم قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم محارب وثعلبة) أما بكر بن سوادة فهو الجذامي المصري يكنى أبا ثمامة وكان أحد الفقهاء بمصر وأرسله عمر بن عبد العزيز إلى أهل إفريقية ليفقههم فمات بها سنة ثمان وعشرين ومائة وثقه ابن معين والنسائي وليس له في البخاري سوى هذا الموضع المعلق وقد وصله سعيد بن منصور والطبري من طريقه بهذا الاسناد وأما زياد بن نافع فهو التجيي المصري تابعي صغير وليس له أيضا في البخاري سوى هذا الموضع وأما أبو موسى فيقال إنه علي بن رباح وهو تابعي معروف أخرج له مسلم ويقال هو الفافقي واسمه مالك بن عبادة وهو صحابي معروف أيضا ويقال أنه مصري لا يعرف اسمه وليس له في البخاري أيضا إلا هذا الموضع وقوله يوم محارب وثعلبة يؤيد ما وقع من الوهم في أول الترجمة (قوله وقال ابن إسحاق سمعت وهب بن كيسان سمعت جابرا قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذات الرقاع من نخل فلقى جمعا من غطفان الخ) لم أر هذا الذي
(٣٢٤)