قال المالكية وزعم ابن حزم أنه لم يرد عن أحد من السلف القول بذلك والله أعلم ولم تفرق المالكية والحنفية حيث أخذوا بالكيفية التي في هذا الحديث بين أن يكون العدو في جهة القبلة أم لا وفرق الشافعي والجمهور فحملوا حديث سهل على أن العدو كان في غير جهة القبلة فلذلك صلى بكل طائفة وحدها جميع الركعة وأما إذا كان العدو في جهة القبلة فعلى ما تقدم في حديث بن عباس أن الامام يحرم بالجميع ويركع بهم فإذا سجد سجد معه صف وحرس صف إلى آخره ووقع عند مسلم من حديث جابر صفنا صفين والمشركون بيننا وبين القبلة وقال السهيلي اختلف العلماء في الترجيح فقالت طائفة يعمل منها بما كان أشبه بظاهر القرآن وقالت طائفة يجتهد في طلب الأخير منها فإنه الناسخ لما قبله وقالت طائفة يؤخذ بأصحها نقلا وأعلاها رواة وقالت طائفة يؤخذ بجميعها على حسب اختلاف أحوال الخوف فإذا اشتد الخوف أخذ بأيسرها مؤنة والله أعلم (قوله تابعه الليث عن هشام عن زيد بن أسلم أن القاسم بن محمد حدثه قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بني أنمار) قلت لم يظهر لي مراد البخاري بهذه المتابعة لأنه إن أراد المتابعة في المتن لم يصح لان الذي قبله غزوة محارب وثعلبة بنخل وهذه غزوة أنمار ولكن يحتمل الاتحاد لان ديار بني أنمار تقرب من ديار بني ثعلبة وسيأتي بعد باب أن أنمار في قبائل منهم بطن من غطفان وان أراد المتابعة في الاسناد فليس كذلك بل الروايتان متخالفتان من كل وجه الأولى متصلة بذكر الصحابي وهذه مرسلة ورجال الأولى غير رجال الثانية ولعل بعض من لا بصر له بالرجال يظن أن هشاما المذكور قبل هو هشام المذكور ثانيا وليس كذلك فان هشاما الراوي عن أبي الزبير هو الدستوائي كما بينته قبل وهو بصري وهشام شيخ الليث فيه هو ابن سعد وهو مدني والدستوائي لا رواية له عن زيد بن أسلم ولا رواية لليث بن سعد عنه وقد وصل البخاري في تاريخه هذا المعلق قال قال لي يحيى بن عبد الله بن بكير حدثنا الليث عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم سمع القاسم بن محمد أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في غزوة بني أنمار نحوه يعني نحو حديث صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة في صلاة الخوف (قلت) فظهر لي من هذا وجه المتابعة وهو أن حديث سهل بن أبي حثمة في غزوة ذات الرقاع متحد مع حديث جابر لكن لا يلزم من اتحاد كيفية الصلاة في هذه وفي هذه أن تتحد الغزوة وقد أفرد البخاري غزوة بني أنمار بالذكر كما سيأتي بعد باب نعم ذكر الواقدي أن سبب غزوة ذات الرقاع أن أعرابيا قدم بجلب إلى المدينة فقال إني رأيت ناسا من بني ثعلبة ومن بني أنمار وقد جمعوا لكم جموعا وأنتم في غفلة عنهم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في أربعمائة ويقال سبعمائة فعلى هذا فغزوة أنمار متحدة مع غزوة بني محارب وثعلبة وهي غزوة ذات الرقاع والله أعلم ويحتمل أن يكون موضع هذه المتابعة بعد حديث القاسم بن محمد عن صالح بن خوات فيكون متأخرا عنه ويكون تقديمه من بعض النقلة عن البخاري ويؤيد ذلك ما ذكرته عن تاريخ البخاري فإنه بين في ذلك والله أعلم (قوله حدثنا يحيى عن يحيى) الأول هو ابن سعيد القطان وشيخه هو ابن سعيد الأنصاري والقاسم بن محمد أي بن أبي بكر الصديق وصالح بن خوات تقدم التعريف به ففي الاسناد ثلاثة من التابعين المدنيين في نسق يحيى
(٣٢٨)