صلى الله عليه وسلم قوما من جهينة فقاتلونا قتالا شديدا فلما أن صلينا الظهر قال المشركون لو ملنا عليهم ميلة واحدة لأفظعناهم فأخبر جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال وقالوا ستأتيهم صلاة هي أحب إليهم من الأولاد فذكر الحديث وروى أحمد والترمذي وصححه النسائي من طريق عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بين ضبحان وعسفان فقال المشركون إن لهؤلاء صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم فذكر الحديث في نزول جبريل لصلاة الخوف وروى أحمد وأصحاب السنن وصححه بن حبان من حديث أبي عياش الزرقي قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بعسفان فصلى بنا الظهر وعلى المشركين يومئذ خالد بن الوليد فقالوا لقد أصبنا منهم غفلة ثم قال إن لهم صلاة بعد هذه هي أحب إليهم من أموالهم وأبنائهم فنزلت صلاة الخوف بين الظهر والعصر فصلى بنا العصر ففرقنا فرقتين الحديث وسياقه نحو رواية زهير عن أبي الزبير عن جابر وهو ظاهر في اتحاد القصة وقد روى الواقدي من حديث خالد بن الوليد قال لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية لقيته بعسفان فوقفت بإزائه وتعرضت له فصلى بأصحابه الظهر فهممنا أن نغير عليهم فلم يعزم لنا فأطلع الله نبيه على ذلك فصلى بأصحابه العصر صلاة الخوف الحديث وهو ظاهر فيما قررته أن صلاة الخوف بعسفان غير صلاة الخوف بذات الرقاع وأن جابرا روى القصتين معا فأما رواية أبي الزبير عنه ففي قصة عسفان وأما رواية أبي سلمة ووهب بن كيسان وأبي موسى المصري عنه ففي غزوة ذات الرقاع وهي غزوة محارب وثعلبة وإذا تقرر أن أول ما صليت صلاة الخوف في عسفان وكانت في عمرة الحديبية وهي بعد الخندق وقريظة وقد صليت صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع وهي بعد عسفان فتعين تأخرها عن الخندق وعن قريظة وعن الحديبية أيضا فيقوى القول بأنها بعد خيبر لان غزوة خيبر كانت عقب الرجوع من الحديبية وأما قول الغزالي إن غزوة ذات الرقاع آخر الغزوات فهو غلط واضح وقد بالغ ابن الصلاح في إنكاره وقال بعض من انتصر للغزالي لعله أراد آخر غزوة صليت فيها صلاة الخوف وهذا انتصار مردود أيضا لما أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان من حديث أبي بكرة أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف وإنما أسلم أبو بكرة في غزوة الطائف باتفاق وذلك بعد غزوة ذات الرقاع قطعا وإنما ذكرت هذا استطرادا لتكمل الفائدة (قوله قال مالك) هو موصول بالاسناد المذكور (قوله وذلك أحسن ما سمعت في صلاة الخوف) يقتضي أنه سمع في كيفيتها صفات متعددة وهو كذلك فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة صلاة الخوف كيفيات حملها بعض العلماء على اختلاف الأحوال وحملها آخرون على التوسع والتخيير وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في باب صلاة الخوف وما ذهب إليه مالك من ترجيح هذه الكيفية وافقه الشافعي وأحمد وداود على ترجيحها لسلامتها من كثرة المخالفة ولكونها أحوط لأمر الحرب مع تجويزهم الكيفية التي في حديث بن عمر ونقل عن الشافعي أن الكيفية التي في حديث ابن عمر منسوخة ولم يثبت ذلك عنه وظاهر كلام المالكية عدم إجازة الكيفية التي في حديث ابن عمر واختلفوا في كيفية رواية سهل بن أبي حثمة في موضع واحد وهو أن الامام هل يسلم قبل أن تأتي الطائفة الثانية بالركعة الثانية أو ينتظرها في التشهد ليسلموا معه فبالأول
(٣٢٧)