لأنه لما أخرجه من أهل الشورى في الخلافة أراد جبر خاطره بأن جعله من أهل المشاورة في ذلك وزعم الكرماني ان قوله كهيئة التعزية له من كلام الراوي لا من كلام عمر فلم أعرف من أين تهيأ له الجزم بذلك مع الاحتمال وذكر المدايني ان عمر قال لهم إذا اجتمع ثلاثة على رأي وثلاثة على رأي فحكموا عبد الله بن عمر فإن لم ترضوا بحكمه فقدموا من معه عبد الرحمن بن عوف (قوله فان أصابت الا مرة) بكسر الهمزة وللكشميهني الامارة (سعدا) يعني ابن أبي وقاص وزاد المدايني وما أظن أن يلي هذا الامر الا علي أو عثمان فان ولي عثمان فرجل فيه لين وان ولي علي فستختلف عليه الناس وان ولي سعد والا فليستعن به الوالي ثم قال لأبي طلحة ان الله قد نصر بكم الاسلام فاختر خمسين رجلا من الأنصار واستحث هؤلاء الرهط حتى يختاروا رجلا منهم (قوله وقال أوصي الخليفة من بعدي) في رواية أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون فقال ادعوا لي عليا وعثمان وعبد الرحمن وسعدا والزبير وكان طلحة غائبا قال فلم يكلم أحدا منهم غير عثمان وعلي فقال يا علي لعل هؤلاء القوم يعلمون لك حقك وقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهرك وما اتاك الله من الفقه والعلم فان وليت هذا الامر فاتق الله فيه ثم دعا عثمان فقال يا عثمان فذكر له نحو ذلك ووقع في رواية إسرائيل عن أبي إسحاق في قصة عثمان فان ولوك هذا الامر فاتق الله فيه ولا تحملن بني أبي معيط على رقاب الناس ثم قال ادعوا لي صهيبا فدعي له فقال صل بالناس ثلاثا وليحل هؤلاء القوم في بيت فإذا اجتمعوا على رجل فمن خالف فاضربوا عنقه فلما خرجوا من عنده قال إن تولوها الأجلح يسلك بهم الطريق فقال له ابنه ما يمنعك يا أمير المؤمنين منه قال أكره ان أتحملها حيا وميتا وقد اشتمل هذا الفصل على فوائد عديدة وله شاهد من حديث ابن عمر أخرجه ابن سعد بإسناد صحيح قال دخل الرهط على عمر فنظر إليهم فقال اني قد نظرت في أمر الناس فلم أجد عند الناس شقاقا فإن كان فهو فيكم وانما الامر إليكم وكان طلحة يومئذ غائبا في أمواله قال فإن كان قومكم لا يؤمرون الا لاحد الثلاثة عبد الرحمن بن عوف وعثمان وعلي فمن ولي منكم فلا يحمل قرابته على رقاب الناس قوموا فتشاوروا ثم قال عمر أمهلوا فان حدث لي حدث فليصل لكم صهيب ثلاثا فمن تأمر منكم على غير مشورة من المسلمين فاضربوا عنقه (قوله بالمهاجرين الأولين) هم من صلى إلى القبلتين وقيل من شهد بيعة الرضوان والأنصار سيأتي ذكرهم في باب مفرد وقوله الذين تبوؤا الدار أي سكنوا المدينة قبل الهجرة وقوله والايمان ادعى بعضهم انه من أسماء المدينة وهو بعيد والراجح انه ضمن تبوؤا معنى لزم أو عامل نصبه محذوف تقديره واعتقدوا أو ان الايمان لشدة ثبوته في قلوبهم كأنه أحاط بهم وكأنهم نزلوه والله أعلم (قوله فإنهم ردء الاسلام) أي عون الاسلام الذي يدفع عنه وغيظ العدو أي يغيظون العدو بكثرتهم وقوتهم (قوله وان لا يؤخذ منهم الا فضلهم عن رضاهم) أي الا ما فضل عنهم في رواية الكشميهني ويؤخذ منهم والأول هو الصواب (قوله من حواشي أموالهم) أي التي ليست بخيار والمراد بذمة الله أهل الذمة والمراد بالقتال من ورائهم أي إذا قصدهم عدو لهم وقد استوفى عمر في وصيته جميع الطرائق لان الناس اما مسلم واما كافر فالكافر اما حربي ولا يوصى به واما ذمي وقد ذكره والمسلم اما مهاجري واما أنصاري أو غيرهما وكلهم اما بدوي واما حضري وقد بين الجميع ووقع
(٥٥)