بقتلهم (قوله كذبت) هو على ما ألف من شدة عمر في الدين لأنه فهم من ابن عباس من قوله إن شئت فعلنا أي قتلناهم فأجابه بذلك وأهل الحجاز يقولون كذبت في موضع أخطأت وانما قال له بعد أن صلوا لعلمه ان المسلم لا يحل قتله ولعل ابن عباس انما أراد قتل من لم يسلم منهم (قوله فأتي بنبيذ فشربه) زاد في حديث أبي رافع لينظر ما قدر جرحه وفي رواية أبي إسحاق فلما أصبح دخل عليه الطبيب فقال أي الشراب أحب إليك قال النبيذ فدعا بنبيذ فشرب فخرج من جرحه فقال هذا صديد ائتوني بلبن فأتي بلبن فشربه فخرج من جرحه فقال الطبيب أوص فاني لا أظنك الا ميتا من يومك أو من غد (قوله فخرج من جوفه) في رواية الكشميهني من جرحه وهي أصوب وفي رواية أبي رافع فخرج النبيذ فلم يدر أهو نبيذ أم دم وفي روايته فقالوا لا بأس عليك يا أمير المؤمنين فقال إن يكن القتل بأسا فقد قتلت وفي رواية ابن شهاب قال فأخبرني سالم قال سمعت ابن عمر يقول فقال عمر أرسلوا إلي طبيب ينظر إلى جرحي قال فأرسلوا إلى طبيب من العرب فسقاه نبيذا فشبه النبيذ بالدم حين خرج من الطعنة التي تحت السرة قال فدعوت طبيبا اخر من الأنصار فسقاه لبنا فخرج اللبن من الطعنة أبيض فقال أعهد يا أمير المؤمنين فقال عمر صدقني ولو قال غير ذلك لكذبته وفي رواية مبارك بن فضالة ثم دعا بشربة من لبن فشربها فخرج مشاش اللبن من الجرحين فعرف انه الموت فقال الان لو أن لي الدنيا كلها لافتديت به من هول المطلع وما ذاك والحمد لله ان أكون رأيت الا خيرا * (تنبيه) * المراد بالنبيذ المذكور تمرات نبذت في ماء أي نقعت فيه كانوا يصنعون ذلك لاستعذاب الماء وسيأتي بسط القول فيه في الأشربة (قوله وجاء الناس يثنون عليه) في رواية الكشميهني فجعلوا يثنون عليه ووقع في حديث جابر عند ابن سعد من تسمية من أثنى عليه عبد الرحمن بن عوف وانه اجابه بما أجاب به غيره وروى عمر بن شبة من طريق سليمان بن يسار ان المغيرة اثنى عليه وقال له هنيئا لك الجنة واجابه بنحو ذلك وروى ابن أبي شيبة من طريق المسور بن مخرمة انه ممن دخل على عمر حين طعن وعند ابن سعد من طريق جويرية ابن قدامة فدخل عليه الصحابة ثم أهل المدينة ثم أهل الشام ثم أهل العراق فكلما دخل عليه قوم بكوا واثنوا عليه وقد تقدم طرف منه من هذا الوجه في الجزية ووقع في رواية أبي إسحاق عند ابن سعد واتاه كعب أي كعب الأحبار فقال ألم أقل لك انك لا تموت الا شهيدا وانك تقول من أين واني في جزيرة العرب (قوله وجاء رجل شاب) في رواية جرير عن حصين السابقة في الجنائز وولج عليه شاب من الأنصار وقد وقع في رواية سماك الحنفي عن ابن عباس عند ابن سعد انه اثنى على عمر فقال له نحوا مما قال هنا للشاب فلو قال في هذه الرواية انه من الأنصار لساغ ان يفسر المبهم بابن عباس لكن لا مانع من تعدد المثنين مع اتحاد جوابه كما تقدم ويؤيده أيضا ان في قصة هذا الشاب انه لما ذهب رأى عمر إزاره يصل إلى الأرض فأنكر عليه ولم يقع ذلك في قصة ابن عباس وفي إنكاره علي ابن عباس ما كان عليه من الصلابة في الدين وانه لم يشغله ما هو فيه من الموت عن الامر بالمعروف وقوله ما قد علمت مبتدأ وخبره لك وقد أشار إلى ذاك ابن مسعود فروى عمر بن شبة من حديثه نحو هذه القصة وزاد قال عبد الله يرحم الله عمر لم يمنعه ما كان فيه من قول الحق (قوله وقدم) بفتح القاف وكسرها فالأول بمعنى الفضل والثاني بمعنى السبق (قوله ثم شهادة) بالرفع عطفا على ما قد علمت وبالجر عطفا على صحبة ويجوز النصب على أنه مفعول مطلق لفعل محذوف
(٥٢)