سعة لسان العرب أو اقتصار المحدث على بعض ما يسمع دون بعض أو هما معا فمن ادعى على أحد شيئا سوى الذي في النفس خاصة يريد أخذه لم يكن له أخذه بدعواه بحال فقط إلا أن يتيم بينة على ما ادعى فإذا أقام شاهدين على ما دون الزنا أو شاهدا وامرأتين على الأموال قضى له بدعواه ولم يكن عليه أن يحلف مع بينته وإذا لم يقم على ما يدعى إلا شاهدا واحدا فإن كان مالا أحلف مع شاهده وأعطى المال وإن كان الذي يدعى غير مال لم يعط به شيئا وكان حكمه حكم من لم يأت ببينة (قال الشافعي) رضي الله عنه: البينة في دلالة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بينتان بينة كاملة بعدد الشهود لا يحلف مقيمها معها وبينة ناقصة العدد يحلف مقيمها معها (قال) ومن ادعى شيئا لم يقم عليه بينة يؤخذ بها أحلف المدعى عليه فإن حلف برئ وإن نكل لم يأخذ الذي ادعى منه شيئا حتى يحلف على دعواه فيأخذ بيمينه مع نكول المدعى عليه (قال) والحكم بالدعوى بلا بينة والايمان (1) مخالف له بالبينة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقاس به لأنهما شئ واحد تضادا قال ومن ادعى مالا دلالة للحاكم على دعواه إلا بدعواه أحلفنا المدعى عليه كما يحلف فيما سوى الدماء وإذا كانت على دعوى المدعى دلالة تصدق دعواه كالدلالة التي كانت في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى فيها بالقسامة أحلف المدعون خمسين يمينا واستحقوا دية المقتول ولا يستحقون دما (قال) وكل ما وصفت بين في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم نصا فإن أحكامه لا تختلف وأنها إذا احتملت أن يمضى كل شئ منها على وجهه أمضى ولم تجعل مختلفة وهكذا هذه الأحاديث فإن قال قائل فتجد في كتاب الله تعالى ما يشبه هذا؟ قيل نعم قال الله عز وجل " واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم " وقال في الذين يرمون بالزنا " لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء " فكان حكم الله أن لا يثبت الحد على الزاني إلا بأربعة شهداء وقال الله تعالى في الوصية " اثنان ذوا عدل منكم " فكان حكمه أن نقبل الوصية باثنين وكذلك يقبل في الحدود وجميع الحقوق اثنان في غير الزنا وقال في الدين " واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان " فكان حكمه في الدين يقبل بشاهدين أو شاهد وامرأتين ولا يقال لشئ من هذا مختلف على أن بعضه ناسخ لبعض ولكن يقال مختلف على أن كل واحد منه غير صاحبه قال: وإنما قلت لا يقسم المدعون الدم إلا بالدلالة استدلالا بما وصفت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أن الأنصار كانت من أعدى الناس لليهود لقطعها ما كان بينها وقتلها رجالها وإجلائها عن بلادها وفقد عبد الله بعد العصر ووجد قبل مغيب الشمس قتيلا في منزلهم ودارهم محصنة لا يخلطهم فيها غيرهم فكان فيما وصفت دلائل من علمها أنه لم يقتله إلا يهود لبعضهم فعرض النبي صلى الله عليه وسلم على الأنصار أن يحلفوا ويستحقوا فأبوا فعرض عليهم أن تحلف يهود فيبرئهم بخمسين يمينا فأبوا فوداه من عنده وذلك عندنا تطوع فإذا كان في مثل هذا وما في معناه أو أكثر منه مما يغلب على من يعمله أن الجماعة التي فيها القتيل أو بعضها قتلته كانت القسامة فيه واستحق أهله بها العقل لا الدم وإذا أبو احلف لهم من ادعوا عليه خمسين يمينا ثم يبرءون لان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " فتبرئكم يهود " يدل على أنهم يبرءون بالايمان ومثل هذا وأكثر منه تدخل الجماعة البيت فيدخل عليهم وفيهم القتيل فيغلب على العلم أنهم أو بعضهم قتله أو يوجد الرجل بالفلاة متلطخ الثياب بالدم أو السيف وعنده القتيل ليس قربه عين ولا أثر عين فيغلب على من علم هذا أنه قتله أو إخبار من يغلب على من يسمع خبره أنه لا يكذب إذا كان ذلك بحضرة القتيل وأتى واحد
(٥٥٨)