لكن المتبادر إلى الذهن، والمأنوس للخاطر من هذه العبارة، هو الاكتساب الدنيوي أي الاشتغال بالعمل وتحمل المشقة لازدياد المال والثراء، ورغد العيش، وطيب الحياة، من الزراعة والتجارة وجري الأنهار وتعمير القصور، وغير ذلك مما يعمر به الدنيا.
ومما يدل أيضا على الامر بالاكتساب وعدم اهمال الدنيا، ما ذكره عليه السلام في المختار 95، من خطب نهج البلاغة: وأن تعمل لدنياك بقدر عمرك فيها، وان تعمل لآخرتك بقدر بقائك فيها، الخ.
ويدل عليه أيضا ما رواه في البحار: 17، 422، س 22، وفي تنبيه الخواطر 339، عن النبي الأكرم (ص) أنه قال لجابر: فاحرث حرث من يظن أنه لا يموت الا هرما، واعمل عمل من يخاف انه يموت غدا.
ويدل عليه أيضا ما أوصى به لقمان ابنه من قوله: يا بني لا تدخل في الدنيا دخولا يضر بآخرتك، ولا ترفضها كل الرفض فتكون كلا على غيرك.
والآثار من هذا النمط غير قليل، ومن أراد الزيادة فعليه بمظانها.
ونظير ما قاله عليه السلام في صدر هذه الوصية، قد ورد عن غير واحد من المعصومين (ع). قال النبي (ص): أوصاني ربي بتسع أوصيكم بها، أوصيكم بالاخلاص في السر والعلانية، والعدل في الرضا والغضب، والقصد في الغنى والفقر، وان اعفو عمن ظلمني، وأعطي من حرمني، وأصل من قطعني، وأن يكون صمتي فكرا، ونطقي ذكرا، ونظري عبرا، كما في عقد الفريد:
1، 355.
وعن الشيخ المفيد رحمه الله، كما في الحديث الأخير من الفصول المختارة 123 معنعنا، عن الإمام السجاد (ع) قال قال رسول الله (ص): ثلاث منجيات، وثلاث مهلكات، فاما المنجيات: فخوف الله في السر والعلانية،