فإنك إذا شئت رأيت رشده من كساء الحياء ثوبه اختفى عن العيون عيبه من تحرى القصد خفت عليه المؤن (79) من لم يعط نفسه شهوتها أصاب رشده مع كل شدة رخاء ومع كل أكلة غصص، لا تنال نعمة إلا بعد أذى، كفر النعم موق (80) ومجالسة الأحمق شوم. اعرف الحق لمن عرفه لك شريفا كان أو وضيعا، من ترك القصد جاز، ومن تعدى الحق ضاق مذهبه، كم من دنف نجا، وصحيح قد هوى (81) قد يكون اليأس إدراكا، والطمع هلاكا، استعتب من رجوت عتابه (82)، لا تبيتن من امرء على غدر، الغدر شر
(٧٩) التحري: الطلب واختيار ما هو الأولى من الأمور. والقصد: هو التوسط بين الافراط والتفريط. والمؤن - على زنة زفر وعمر - جمع المئونة - بفتح أوله وضمه - وهي القوت وما يصرفه الانسان في حوائجه، ولملازمته نوعا من الثقل يستعمل في كل شدة وثقيل.
(٨٠) الموق: الحمق، وفى خطبة الوسيلة: كفر النعم لوم، وصحبة الجاهل شوم.
(81) الدنف - على زنة كتف -: من ثقل مرضه وصار ملازما له، وجمعه أدناف، ومؤنثه دنفة، وجمع المؤنث دنفات. وهوى: هلك.
(82) العتبى: الرضا، أي اطلب رضا من ترجو رضاه ولا تتركه ساخطا عليك، أو المعنى اطلب الرجوع إلى المحبة والعود إليها لمن تحتمل وترجو رجوعه إلى المسرة، وحاصله ترك الانقطاع والهجران إذا كان الاتصال ممكنا، والتحبب محتملا، والمعنى الثاني لازم للأول، إذ كل من رضي بعد السخط فقد رجع إلى ما كان عليه أولا، ومنه الحديث: ولابعد الموت من مستعتب.