وقال بعضهم: من تبصر تصبر، الصبر يفسح الفرج، ويفتح المرتنج، المحنة إذا تلقيت بالرضا والصبر كانت نعمة دائمة والنعمة إذا خلت من الشكر كانت محنة لازمة.
قيل لأبي مسلم صاحب الدولة: بم أصبت ما أصبت؟ قال: ارتديت بالصبر، واتزرت بالكتمان، وحالفت الحزم، وخالفت الهوى، ولم أجعل العدو صديقا، ولا الصديق عدوا.
وحكي ان كسرى سخط على بزرجمهر، فحبسه في بيت مظلم، وأمر ان يصفد بالحديد، فبقي أياما على تلك الحال، فأرسل إليه من يسأله عن حاله، فإذا هو منشرح الصدر مطمئن النفس، فقالوا له: أنت في هذه الحالة من الضيق، ونراك ناعم الحال! فقال: صنعت سند أخلاط وعجنتها واستعملتها فهي التي أبقتني على ما ترون. قالوا صف لنا هذه الاخلاط، لعلنا ننتفع بها عند البلوى. فقال: نعم، اما الخلط الأول فالثقة بالله عز وجل، واما الثاني فكل مقدر كائن، وأما الثالث فالصبر خير ما استعمله الممتحن، وأما الرابع فإذا لم اصبر فماذا أصنع، ولا أعين على نفسي بالجزع، واما الخامس فقد يكون أمر أشد مما أنا فيه، وأما السادس فمن ساعة إلى ساعة فرج. فبلغ ما قاله كسرى فأطلقه وأعزه.