بأبي أنت وأمي يا أمير المؤمنين، ثم قال: هنيئا لك يا أبا الحسن، فلقد طاب مولدك وقوي صبرك، وعظم جهادك، وظفرت برأيك، وربحت تجارتك، وقدمت على خالقك، فتلقاك الله ببشارته، وحفتك ملائكته، واستقررت في جوار المصطفى، فأكرمك الله بجواره، ولحقت بدرجة أخيك المصطفى، وشربت بكأسه الأوفى، فاسأل الله ان يمن علينا باقتفائنا اثرك، والعمل بسيرتك، والموالاة لأوليائك، والمعاداة لأعدائك، وان يحشرنا في زمرة أوليائك، فقد نلت ما لم ينله أحد، وأدركت ما لم يدركه أحد، وجاهدت في سبيل ربك بين يدي أخيك المصطفى حق جهاده، وقمت بدين الله حق القيام، حتى أقمت السنن وأبرت الفتن، واستقام الاسلام، وانتظم الايمان، فعليك مني أفضل الصلاة والسلام، بك اشتد ظهر المؤمنين، واتضحت أعلام السبل، وأقيمت السنن، وما جمع لاحد مناقبك وخصالك، سبقت إلى إجابة النبي (ص) مقدما مؤثرا، وسارعت إلى نصرته، ووقيته بنفسك، ورميت سيفك ذا الفقار في مواطن الخوف والحذر، قصم الله بك كل ذي بأس شديد، وذل بك كل جبار عنيد، وهدم بك حصون أهل الشرك والكفر والعدوان والرداء، وقتل بك أهل الضلال من العدى، فهنيئا لك يا أمير المؤمنين، كنت أقرب الناس من رسول الله (ص) قربى، وأولهم سلما، وأكثرهم علما وفهما، فهنيئا لك يا أبا الحسن، لقد شرف الله مقامك، وكنت أقرب الناس إلى رسول الله (ص) نسبا، وأولهم اسلاما، وأوفاهم يقينا، وأشدهم قلبا وأبذلهم لنفسه مجاهدا، وأعظمهم في الخير نصيبا، فلا حرمنا الله أجرا، ولا أذلنا بعدك، فوالله لقد كانت حياتك مفاتح للخير، ومغالق للشر، وان يومك هذا مفتاح كل شر، ومغلاق كل خير، ولوان الناس قبلوا منك لأكلوا من فوقهم، ومن تحت أرجلهم، ولكنهم آثروا الدنيا على الآخرة.
(١٧٠)