عزيز حتى تأخذ له بحقه، والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حت تأخذ منه الحق، والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء، شأنك الحق والصدق والرفق، وقولك حكم وحتم، وأمرك حلم وحزم، ورأيك علم وعزم فيما فعلت، وقد نهج السبيل، وسهل العسير، وأطفئت النيران، واعتدل بك الدين، وقوي بك الاسلام، فظهر امر الله ولو كره الكافرون، وثبت بك الاسلام والمؤمنون، وسبقت سبقا بعيدا، وأتعبت من بعدك تعبا شديدا، فجللت عن البكاء، وعظمت رزيتك في السماء، وهدت مصيبتك الأنام، فانا لله وانا إليه راجعون، رضينا عن الله قضاه، وسلمنا لله أمره، فوالله لن يصاب المسلمون بمثلك أبدا، كنت للمؤمنين كهفا وحصنا، وقنة راسيا، وعلى الكافرين غلظة وغيظا، فألحقك الله بنبيه، ولا أحرمنا اجرك، ولا أضلنا بعدك.
وسكت القوم حتى انقضى كلامه وبكى، وبكى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم طلبوه فلم يصادفوه.
ورواه الشيخ الصدوق (ره) معنعنا أيضا، في كتاب اكمال الدين.
وقال اليعقوبي رحمه الله (لما دفن أمير المؤمنين عليه السلام): فقام القعقاع بن زرارة على قبره فقال: رضوان الله عليك يا أمير المؤمنين، فوالله لقد كانت حياتك مفتاح خير، ولو أن الناس قبلوك لأكلوا من فوقهم، ومن تحت أرجلهم، ولكنهم غمطوا النعمة (5) وآثروا الدنيا على الآخرة.
وروى العلامة المجلسي (ره) في البحار: 9، 675: انه لما دفن أمير المؤمنين (ع) وقف صعصعة بن صوحان رضي الله عنه على القبر، ووضع احدى يديه على فؤاده، والأخرى قد أخذ بها التراب وضرب به رأسه، ثم قال: