نهج السعادة - الشيخ المحمودي - ج ٧ - الصفحة ١٥٥
إن الله تبارك وتعالى أحب أن يجعل في سنة نبيه يعقوب، إذ جمع بنيه وهم إثنا عشر ذكرا فقال: إني أوصي إلى يوسف فاستمعوا له، وأطيعوا أمره.
واني أوصي إلى الحسن والحسين، فاستمعوا لهما، وأطيعوا أمرهما. (2) الخبر.

(٢) قال المسعودي (ره): فقام إليه عبد الله، فقال: يا أمير المؤمنين أدون محمد بن الحنفية؟ فقال (ع) له: أجرأة في حياتي، كأني بك قد وجدت مذبوحا في خيمتك *، ثم أوصى (ع) إلى الحسن، وسلم إليه الاسم الأعظم والنور والحكمة ومواريث الأنبياء وقال: إذا أنامت فغسلني وكفني وحنطني وادخلني قبري، فإذا أشرجت علي اللبن فارفع أول لبنة فاطلبني فإنك لن تراني.
ثم قال المسعودي (ره): وقبض في ليلة الجمعة لتسع ليال بقين من شهر رمضان، فكان عمره عليه السلام خمسا وستين سنة، منها مع النبي (ص) خمس وثلاثون سنة، وبعده ثلاثون سنة، ودفن (ع) بظاهر الكوفة بالغري، انتهى.
وروى الشيخ الجليل ابن شاذان قدس الله نفسه، عن الأصبغ بن نباته قال: لما ضرب أمير المؤمنين عليه السلام الضربة التي كانت وفاته فيها اجتمع إليه الناس بباب القصر، وكان يراد قتل ابن ملجم لعنه الله، فخرج الحسن عليه السلام فقال: معاشر الناس ان أبي أوصاني ان أترك أمره إلى وفاته، فإن كان له الوفاة والا نظر هو في حقه، فانصرفوا يرحمكم الله، قال:
فانصرف الناس ولم انصرف، فخرج ثانية وقال لي: يا اصبغ اما سمعت قولي عن قول أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال: قلت: بلى، ولكنني رأيت حاله، فأحببت ان انظر إليه فاسمع منه حديثا، فاستأذن لي رحمك الله، قال:
فدخل ولم يلبث ان خرج فقال لي: ادخل، فدخلت فإذا أمير المؤمنين عليه السلام معصب بعصابة، وقد علت صفرة وجهه على تلك العصابة، وإذا هو يرفع فخذا ويضع أخرى من شدة الضربة وكثرة السم، فقال لي: يا اصبغ اما سمعت قول الحسن عن قولي؟ قلت: يا أمير المؤمنين ولكني رأيتك في حالة فأحببت النظر إليك، وان اسمع منك حديثا، فقال لي: اقعد، فما أراك تسمع حديثا مني بعد يومك هذا، اعلم يا اصبغ اني اتيت رسول الله صلى الله عليه وآله عائدا كما جئت الساعة، فقال: يا أبا الحسن أخرج فناد في الناس الصلاة جامعة، واصعد المنبر، وقم دون مقامي بمرقاة، وقل للناس:
الا من عق والديه فلعنة الله عليه، الا من ابق من مواليه فلعنة الله عليه الامن ظلم أجيرا اجرته فلعنة الله عليه. يا اصبغ ففعلت ما امرني به حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله، فقام من أقصى المسجد رجل فقال: يا أبا الحسن تكلمت بثلاث كلمات أوجزتهن فاشرحهن لنا، فلم أرد جوابا حتى اتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت ما كان من الرجل، قال الأصبغ ثم اخذ بيدي، وقال ابسط يدك، فبسطت يدي فتناول إصبعا من أصابع يدي وقال:
يا اصبغ كذا تناول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إصبعا من أصابع يدي، كما تناولت إصبعا من أصابع يدك، ثم قال: مه يا أبا الحسن، الأواني وأنت أبوا هذه الأمة، فمن عقنا فلعنة الله عليه. الأواني وأنت موليا هذه الأمة، فعلى من ابق عنا لعنة الله. الأواني وأنت أجيرا هذه الأمة، فمن ظلمنا أجرتنا فلعنة الله عليه. ثم قال آمين، فقلت آمين.
قال الأصبغ ثم أغمي عليه (ع)، ثم افاق فقال لي: أقاعد أنت يا اصبغ؟ قلت: نعم، يا مولاي. قال: أزيدك حديثا آخر؟ قلت: نعم، زادك الله من مزيدات الخير. قال: يا اصبغ لقيني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض طرقات المدينة، وانا مغموم قد تبين الغم في وجهي، فقال لي: يا أبا الحسن أراك مغموما، الا أحدثك بحديث لا تغتم بعده أبدا؟
قلت: نعم، (يا رسول الله (ص). قال: إذا كان يوم القيامة نصب الله منبرا يعلو منابر النبيين والشهداء، ثم يأمرني الله اصعد فوقه، ثم يأمرك ان تصعد دوني بمرقاة ثم يأمر الله ملكين فيجلسان دونك بمرقاة، فإذا استقللنا على المنبر لا يبقى أحد من الأولين والآخرين الا حضر، فينادي الملك الذي دونك بمرقاة: معاشر الناس الا من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فانا اعرفه بنفسي، انا رضوان خازن الجنان، الا ان اله بمنه وكرمه وفضله وجلاله أمرني ان ادفع مفاتيح الجنة إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وان محمدا صلى الله عليه وآله وسلم أمرني أن ادفعها إلى علي بن أبي طالب عليه السلام، فاشهدوا لي عليه. ثم يقول ذلك الذي تحت ذلك الملك بمرقاة مناديا يسمع أهل الموقف: معاشر الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فانا اعرفه بنفسي انا مالك خازن النيران، الا ان الله بمنه وفضله وكرمه وجلاله قد امرني ان ادفع مفاتيح النار إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وان محمدا صلى الله عليه وآله وسلم قد امرني ان ادفعها إلى علي بن أبي طالب عليه السلام، فاشهدوا لي عليه. فآخذ مفاتيح الجنان والنيران. ثم قال:
يا علي فتأخذ بحجزتي. وأهل بيتك يأخذون بحجزتك، وشيعتك يأخذون بحجزة أهل بيتك قال عليه السلام: فصفقت بكلتا يدي، والى الجنة يا رسول الله؟ قال: اي ورب الكعبة. قال الأصبغ: فلم اسمع من مولاي غير هذين الحديثين، ثم توفى صلوات الله عليه، انتهى. فضائل شاذان بن جبرئيل رحمه الله كما في الأنوار البهية ٦٧، للمحدث القمي (ره).
وروى الصدوق رحمه الله في الباب ٥٢، من معاني الأخبار ١١٨، معنعنا عن انس بن مالك قال: كنت عند علي بن أبي طالب عليه السلام، في الشهر الذي أصيب فيه، وهو شهر رمضان، فدعا ابنه الحسن عليه السلام، ثم قال: يا أبا محمد اعل المنبر، فاحمد الله كثيرا واثن عليه، واذكر جدك رسول الله صلى الله عليه وآله بأحسن الذكر، وقل: لعن الله ولذا عق أبويه، لعن الله ولدا عق أبويه، لعن الله ولدا عق أبويه، لعن الله عبدا أبق من مواليه، لعن الله غنما ضلت عن الراعي. وانزل.
فلما فرغ من خطبته ونزل اجتمع عليه الناس، فقالوا: يا ابن أمير المؤمنين وابن بنت رسول الله نبينا الجواب. فقال: الجواب على أمير المؤمنين عليه السلام.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: اني كنت مع النبي صلى الله عليه وآله في صلاة صلاها، فضرب بيده اليمنى إلى يدي اليمنى فأجتذبها، فضمها إلى صدره ضما شديدا، ثم قال لي: يا علي! قلت: لبيك يا رسول الله صلى الله عليه وآله. وقال: انا وأنت أبوا هذه الأمة، فلعن الله من عقنا، قل آمين، قلت: آمين. ثم قال: انا وأنت موليا هذه الأمة، فلعن الله من أبق عنا، قل آمين، قلت آمين، ثم قال: انا وأنت راعيا هذه الأمة، فلعن الله من ضل عنا، قل آمين، قلت آمين. قال أمير المؤمنين عليه السلام: وسمعت قائلين يقولان معي: آمين، فقلت: يا رسول الله! ومن القائلان معي آمين؟ قال: جبرئيل وميكائيل عليهما السلام، انتهى.
* قال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين 91 ط النجف، و 88 ط بيروت وعبد الله بن علي بن أبي طالب، وأمه ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي بن سلمى بن جندل بن نهشل بن دارم بن حنظلة. قتله أصحاب المختار بن أبي عبيدة يوم المدار. وكان صار إلى المختار وسأله ان يدعو إليه، ويجعل الامر له، فلم يفعل، فخرج فلحق بمصعب بن الزبير فقتل في الواقعة وهو لا يعرف.
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 159 160 161 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تحية وإهداء 5
2 المقدمة 6
3 من وصية له عليه السلام في الحث على العلم 10
4 حول سند الوصية 15
5 ماهية العلم الذي حث الشارع على طلبه، وعمن ينبغي اخذه 28
6 فضيلة العلم والعلماء في الحديث 41
7 فضيلة العلم والعلماء في كلام الحكماء 47
8 فضيلة العلم والعلماء في الشعر 51
9 من وصية له عليه السلام في الحث على التقوى والزهد 53
10 حول رواة الوصية 56
11 التقوى في اللغة والشرع 57
12 الأحاديث الواردة في الزهد 61
13 أقوال الحكماء في الزهد 69
14 بعض ما قيل في الزهد من الشعر 71
15 من وصية له عليه السلام في مكارم الأخلاق 75
16 الحث على اكتساب المعاش 76
17 الحث على صلة الرحم 78
18 ما ورد في مدح السخاء وذم البخل 82
19 من وصية له عليه السلام في الحث على مداراة الناس 86
20 من وصية له عليه السلام لما ضربه المرادي لعنه الله 88
21 حول سند الوصية 94
22 اخباره عليه السلام بشهادته 96
23 كيفية شهادته عليه السلام وسببها 105
24 أعماله عليه السلام في ليلة استشهاده 117
25 استشهاده في الصلاة 124
26 بين العواد وبينه عليه السلام 127
27 علمه عليه السلام بما يجري عليه 133
28 من وصية له عليه السلام إلى ولديه الحسن والحسين عليهما السلام 149
29 من وصية له إلى ولده المجتبى عليهما السلام 151
30 من كلام له عليه السلام بعدما ضربه المرادي لعنه الله 153
31 من وصية له عليه السلام إلى أولاده وخواص شيعته 154
32 عيادة عمرو بن الحمق والأصبغ بن نباته إياه 154
33 من وصية له عليه السلام لما حضرته الوفاة 159
34 اسناد آخر للوصية الشريفة 164
35 بعض ما قيل في رثائه يوم وفاته عليه السلام 167
36 بعض ما قيل في رثائه من الشعر 172
37 حول رواة الوصية الشريفة 178
38 المأثور في تفسير قوله: (واعتصموا بحبل الله) 200
39 من وصية له عليه السلام لابنه محمد بن الحنيفة 204
40 بعض رسالة الحقوق للإمام السجاد عليه السلام 211
41 بعض الحقوق في حديث الإمام الصادق عليه السلام 215
42 فضل قراءة القرآن في كل يوم 222
43 شطر آخر من الوصية الشريفة 227
44 المأثور من الحديث في معنى المروءة 232
45 شطر آخر من الوصية الشريفة 232
46 حول العجب وبعض ما ورد فيه من الحديث 233
47 سوء الخلق وذمه في الحديث 241
48 بعض الأحاديث الواردة في ذم الضجر وقلة الصبر 245
49 شطر آخر من الوصية الشريفة 247
50 القرين الصالح ومن ينبغي مجالسته، في الحديث المأثور 251
51 المأثور من الحديث في مجانبة الأنذال والفساق 257
52 بعض ما قيل من الشعر في مجانبتهم 262
53 معنى الأدب في اللغة وفي الحديث 265
54 بعض ما قالته الحكماء في الأدب 268
55 بعض ما ورد من الشعر في الأدب 270
56 حول المشاورة وبعض ما ورد فيها من الحديث 274
57 أقوال الحكماء في المشاورة 279
58 بعض ما قالته الشعراء في المشاورة 282
59 معنى الصبر في اللغة وفي الحديث والحث عليه 283
60 حث الحكماء والعظماء على الصبر 293
61 بعض الشعر المأثور في الصبر 296
62 بعض الأحاديث الواردة في الاعتصام بالله 300
63 شطر آخر من الوصية الشريفة 309
64 حول حقيقة الرزق لغة وشرعا، وبعض أقوال المعتزلة والأشاعرة في ذلك 320
65 هل الرزق يزداد بالسعي والاكتساب؟ 328
66 بعض ما ورد من الشعر في ان الرزق مقسوم 337
67 معنى الحكمة، والآثار الواردة في شأنها وشأن الحكماء 340
68 حث الشرع على التفقه في الدين وقدر الفقهاء 350
69 حث الشرع على مراعاة الناس والرضى لهم بما يرضاه الانسان لنفسه 353
70 حسن الخلق ومدحه في المأثور من السنة 357
71 الحث على مداراة الناس في مأثور السنة 366
72 بعض الأحاديث المحذرة عن ارخاء اللسان 369
73 بعض أقوال الحكماء في الصمت والكلام 380
74 بعض الشعر المأثور في الصمت وقلة الكلام 386
75 التحذير عن التساهل في التزود للآخرة، والوثوق بمن لا ورع له 390
76 شطر آخر من وصيته (ع) لابنه محمد بن الحنفية 394
77 حول اسناد الوصية الشريفة وطرق روايتها 400
78 السنة المأثورة في شأن الصديق ولوازم الصداقة 405
79 الصديق والصداقة في الشعر 414
80 أقوال الحكماء في الصداقة والصديق 419
81 حث السنة على اتخاذ الاخوان ورعاية حقوقهم 423
82 بعض ما قيل في مراعاة حقوق الاخوان من الشعر 426
83 حقوق الاخوان عند الحكماء 429
84 على المؤمن ان لا يتظاهر بالفقر 431
85 ذم الحكماء للطمع وردعهم عنه 438
86 ذم السؤال والطمع في الشعر 440
87 تراجم رواة الوصية الشريفة 444
88 من وصية له (ع) إلى الإمام الحسين عليه السلام 448