أما بعد فإن من أعظم الخيانة خيانة الأمة، وأعظم الغش على أهل المصر غش الامام (3) وعندك من حق المسلمين خمس مأة ألف درهم، فابعث بها إلي حين يأتيك رسولي، وإلا فأقبل إلي حين تنظر في كتابي فإني قد تقدمت إلى رسولي ألا يدعك ساعة واحدة تقيم بعد قدومه عليك إلا أن تبعث بالمال، والسلام.
فلما قرأ مصقلة الكتاب أقبل حتى نزل البصرة، ثم اقبل منها حتى أتى أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة، فأقره أياما لم يذكر له شيئا ثم سأله المال، فأدى مأتي ألف درهم وعجز عن الباقي، وروى ابن أبي سيف، عن أبي الصلت عن ذهل بن الحارث، قال: دعاني مصقلة إلى رحله فقدم عشاء فطعمنا منه، ثم قال: والله ان أمير المؤمنين (ع) يسألني هذا المال ولا أقدر عليه. فقلت لو شئت لم يمض عليك جمعة حتى تجمع هذا المال. فقال:
ما كنت الا حملها قومي ولا أطلب فيها إلى أحد، ثم قال: والله لو أن ابن هند مطالبي بها أو ابن عفان لتركها لي، ألم تر إلى عثمان كيف أعطى الأشعث