يوم الجمل، وشهدوا معه الصفين والنهروان، فجاء إلى علي (ع) في ثلاثين راكبا من أصحابه، فقال له: والله يا علي لا أطيع أمرك ولا أصلي خلفك واني غدا لمفارقك. فقال له علي عليه السلام ثكلت أمك، إذا تعصي ربك وتنكث عهدك ولا تضر الا نفسك، خبرني لم تفعل ذلك. قال: لأنك حكمت في الكتاب وضعفت عن الحق إذا جد الجد، وركنت إلى القوم الذين ظلموا أنفسهم، فأنا عليهم زار، وعليهم ناقم ولكم جميعا مباين (2) فقال له علي (ع):
هلم أدارسك الكتاب، وأناظرك في السنن، وأفاتحك أمورا من الحق انا اعلم بها منك، فلعلك تعرف ما أنت له الآن منكر، وتستبصر ما أنت عنه الآن جاهل.
قال: فاني عائد إليك. قال: لا يستهوينك الشيطان، ولا يستخفنك الجهل، ووالله لئن استرشدتني واستنصحتني وقبلت مني لأهدينك سبيل الرشاد. - وساق كلاما طويلا إلى أن قال: ما محصله: - فنفر الخريت مع أصحابه ليلا ولم يعد إلى أمير المؤمنين (ع) فلما سمع أمير المؤمنين (ع) أنهم ظعنوا قال: بعدا لهم كما بعدت ثمود، أما لو قد أشرعت لهم الا سنة، وصببت على هامهم السيوف لقد ندموا، ان الشيطان اليوم قد استهواهم وأضلهم، وهو غدا متبرئ منهم ومخل عنهم.
فقام زياد بن خصفة، فقال: يا أمير المؤمنين انهم ما ضروا بمفارقتهم الا أنفسهم، ولكنا نخاف أن يفسدوا علينا جماعة كثيرة ممن يمرون عليهم، فأذن لي في تعقيبهم وردهم عليك.