وليس بمغفول عنه، ابن آدم إن أجلك أسرع شيء إليك قد أقبل نحوك حثيثا يطلبك ويوشك أن يدركك، وكان قد أوفيت أجلك وقبض الملك روحك وصرت إلى منزل وحيدا فرد إليك فيه روحك واقتحم عليك فيه ملكاك منكر ونكير لمساءلتك وشديد امتحانك.
ألا وإن أول ما يسألانك عن ربك الذي كنت تعبده وعن نبيك الذي أرسل إليك وعن دينك الذي كنت تدين به وعن كتابك الذي كنت تتلوه، وعن إمامك الذي كنت تتولاه ثم عن عمرك فيما أفنيته ومالك من اين اكتسبته وفيما أتلفته، فخذ حذرك وانظر لنفسك وأعد للجواب قبل الامتحان والمساءلة والاختبار، فإن تك مؤمنا تقيا عارفا بدينك متبعا للصادقين مواليا لأولياء الله لقاك الله حجتك وأنطق لسانك بالصواب فأحسنت الجواب فبشرت بالجنة والرضوان من الله والخيرات الحسان واستقبلتك الملائكة بالروح والريحان، وإن لم تكن كذلك تلجلج لسانك ودحضت حجتك وعييت عن الجواب وبشرت بالنار واستقبلتك ملائكة العذاب بنزل من حميم وتصلية جحيم.
فاعلم ابن آدم ان من وراء هذا ما هو أعظم وأفظع وأوجع للقلوب يوم القيامة، ذلك يوم مجموع له الناس، وذلك يوم مشهود ويجمع الله فيه الأولين والآخرين، ذلك يوم ينفخ في الصور وتبعثر فيه القبور يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين، ذلك يوم لا تقال فيه عثرة ولا تؤخذ من أحد فيه فدية ولا تقبل من أحد فيه معذرة ولا لأحد فيه مستقبل توبة، ليس إلا الجزاء بالحسنات والجزاء بالسيئات، فمن كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من خير وجده، ومن كان عمل من المؤمنين في هذه الدنيا مثقال ذرة من شر وجده... الحديث (1).
[934] 8 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في الخطبة القاصعة:... ألا ترون