أن الله سبحانه اختبر الأولين من لدن آدم صلوات الله عليه إلى الآخرين من هذا العالم بأحجار لا تضر ولا تنفع ولا تبصر ولا تسمع، فجعلها بيته الحرام الذي جعله قياما للناس، ثم وضعه بأوعر بقاع الأرض حجرا وأقل نتائق الدنيا مدرا وأضيق بطون الأودية قطرا، بين جبال خشنة ورمال دمثة وعيون وشلة وقرى منقطعة لا يزكو بها خف ولا حافر ولا ظلف، ثم أمر آدم (عليه السلام) وولده أن يثنوا أعطافهم نحوه فصار مثابة لمنتجع أسفارهم وغاية لملقى رحالهم، تهوي إليه ثمار الأفئدة من مفاوز قفار سحيقة ومهاوي فجاج عميقة وجزائر بحار منقطعة حتى يهزوا مناكبهم ذللا، يهللون لله حوله ويرملون على أقدامهم شعثا غبرا له، قد نبذوا السرابيل وراء ظهورهم وشوهوا بإعفاء الشعور محاسن خلقهم، ابتلاء عظيما وامتحانا شديدا واختبارا مبينا وتمحيصا بليغا، جعله الله سببا لرحمته ووصلة إلى جنته... (1).
[935] 9 - الرضي رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال في الخطبة الغراء في صفة خلق الإنسان:... ثم أدرج في أكفانه مبلسا وجذب منقادا سلسا، ثم ألقي على الأعواد رجيع وصب ونضو سقم، تحمله حفدة الولدان وحشدة الإخوان إلى دار غربته ومنقطع زورته ومفرد وحشته، حتى إذا انصرف المشيع ورجع المتفجع اقعد في حفرته نجيا لبهتة السؤال وعثرة الامتحان، وأعظم ما هنالك بلية نزول الحميم وتصلية الجحيم وفورات السعير وسورات الزفير (2).
[936] 10 - الطوسي بإسناده، عن محمد بن أحمد بن داود، عن أبي علي أحمد بن محمد بن عمار الكوفي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن عبد الله بن زرارة، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: كنا عند الرضا (عليه السلام) والمجلس غاص بأهله فتذاكروا يوم الغدير فأنكره بعض الناس، فقال الرضا (عليه السلام): حدثني أبي