بفظاظة الأمويين، وقسوة سياستهم، وابتعادهم عن الناموس البشري فضلا عن الناموس الديني، وتوغلهم في الغلظة الجاهلية وعادات الكفر الدفين، ليعلم الملأ الديني أنهم كيف لم يوقروا كبيرا ولم يرحموا صغيرا، ولم يرقوا على رضيع، ولم يعطفوا على امرأة، فقدم إلى ساحات المفادات أغصان الرسالة، وأوراد النبوة، و أنوار الخلافة، ولم تبق جوهرة من هاتيك الجواهر الفردة، فلم يعتم هو ولا هؤلاء، إلا وهم ضحايا في سبيل تلك الطلبة الكريمة.
سل كربلا كم من حشا لمحمد * نهبت بها وكم استجزت من يد أقمار تم غالها خسف الردى * واغتالها بصروفه الزمن الردي وما كان حسين العظمة بالذي تذهب أعماله إدراج الرياح لما هو المعلوم بين أمة جده من شموخ مكانته، ورفعة مقامه، وعلمه المتدفق، ورأيه الأصيل، وعدله الواضح، وتقواه المعلومة، وإنه ريحانه رسول الله صلى الله عليه وآله المستقي من تيار فضله، فلن تجد بين المسلمين من ينكر عليه شيئا من هذه المآثر وإن كان ممن لا يدين بخلافته، فما كانت الأمة تفوه بشئ حول نهضته القدسية قبل التنقيب والنظر، وقد نقبوا وترووا فيها فوجدوها طبقا لصالح المجتمع، فلم يسمع من أحدهم غير تقديس أو إكبار، ولذلك لم تسمع أذن الدهر من أي أحد ما تجرأ به (الخضري) بقوله: أخطأ.
إنهم يقولون منكرا من القول وزورا.
فالذي نستفيده من تاريخ السبط المفدى هو وجوب النهوض في وجه كل باطل ومناصرة كل حق، ولإبقاء هيكل الدين، ونشر تعاليمه، وبث أخلاقه، نعم: يعلمنا هذا التاريخ المجيد النزوع إلى إيثار الخلود في البقاء ولو باعتناق المنية على الحياة المخدجة تحت نير الاستعباد، والمبادرة إلى الانتهال من مناهل الموت لتخليص الأمة من مخالب الجور والفجور، ويلزمنا بسلوك سنن المفاداة دون الحنيفية البيضاء، والنزول على حكم الآباء دون مهاوي الذل، هذا غيض من فيض من دروس سيدنا الحسين عليه السلام التي ألقاها على أمة جده، لا ما جاء في مزعمة (الخضري) من أن التاريخ..
. إلخ.