وابن عمر مقتصرا على بعض طرقه عنهم، وأعله ببعض من تكلم فيه من رواته وليس ذلك بقادح لما ذكرت من كثرة الطرق، وأعله أيضا بأنه مخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة في باب أبي بكر، وزعم أنه من وضع الرافضة قابلوا به الحديث الصحيح في باب أبي بكر إنتهى وأخطأ في ذلك خطأ شنيعا فإنه سلك في ذلك رد الأحاديث الصحيحة بتوهمه المعارضة، مع أن الجمع بين القصتين ممكن وقد أشار إلى ذلك البزار في مسنده فقال: ورد من روايات أهل الكوفة بأسانيد حسان في قصة علي، وورد من روايات أهل المدينة في قصة أبي بكر، فإن ثبتت روايات أهل الكوفة فالجمع بينهما بما دل عليه حديث أبي سعيد الخدري يعني الذي أخرجه الترمذي:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لأحد أن يطرق هذا المسجد جنبا غيري وغيرك. و المعنى: إن باب علي كان إلى جهة المسجد ولم يكن لبيته باب غيره فلذلك لم يؤمر بسده، ويؤيد ذلك ما أخرجه إسماعيل القاضي في (أحكام القرآن) من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن لأحد أن يمر في المسجد وهو جنب إلا لعلي بن أبي طالب لأن بيته كان في المسجد. ومحصل الجمع: أن الأمر بسد الأبواب وقع مرتين ففي الأولى استثني علي لما ذكر. وفي الأخرى استثني أبو بكر، ولكن لا يتم ذلك إلا بأن يحمل ما في قصة علي الباب الحقيقي وما في قصة أبي بكر على الباب المجازي والمراد به الخوخة كما صرح به في بعض طرقه، وكأنهم لما أمروا بسد الأبواب سدوها وأحدثوا خوخا يستقربون الدخول إلى المسجد منها فأمروا بعد ذلك بسدها، فهذه طريقة لا بأس بها في الجمع بين الحديثين، وبها جمع بين الحديثين المذكورين أبو جعفر الطحاوي في (مشكل الآثار) و وهو في أوائل الثلث الثالث منه، وأبو بكر الكلاباذي في (معاني الأخبار) وصرح بأن بيت أبي بكر كان له باب من خارج المسجد وخوخة إلى داخل المسجد، وبيت علي لم يكن له باب إلا من داخل المسجد. والله أعلم وقال في القول المسدد ص 16. قول ابن الجوزي في هذا الحديث: إنه باطل وإنه موضوع. دعوى لم يستدل عليها إلا بمخالفة الحديث الذي في الصحيحين، وهذا إقدام على رد الأحاديث الصحيحة بمجرد التوهم، ولا ينبغي الإقدام على الحكم