والأهلة، وانتشرت نبوته مسداة بالخلاص، ملحمة بالاخلاص، معلمة بالتمام مطرزة بالدوام، على تعاقب الليالي والأيام، لم يفرط فيها من شئ يقتضي تماما، ويستدعي روية ولجاما، قال الله تعلى جده (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا)، فأطلق على الدين لفظ الكمال لاستقامته على غاية الاعتدال، وانتفائه عن عوارض النقص والاختلال إلى أن قبضه الله، جل ذكره إليه مشكور السعي والأثر، ممدوح النصر والظفر مرضي السمع والبصر، محمود العيان والخبر، فاستخلف في أمته الثقلين كتاب الله وعترته، اللذين يحميان الاقدام أن تزل، والأحلام ان تضل، والقلوب أن تمرض، والشكوك أن تعرض، فمن تمسك بهما فقد سلك الخيار، وأمن العثار، وربح اليسار، ومن صدف عنهما فقد أساء الاختيار، وارتدف الادبار (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين) فصلى الله عليه وعلى آله ما انبلج الليل عن الصباح، واقترن العز بأطرف الرماح ونادى بحي على الفلاح، صلاة تكافئ حسن بلائه وتضاهي سابق غنائه، وتقضي فرض طاعته، وتقتضي قرض شاعته، وسلم تسليما ".
(قال المؤلف) تأمل في هذا البيان فإنه أحسن ما ورد من علماء السنة في توضيح هذا الحديث الشريف ولم يسبقه أحد من علمائهم بمثل ما ذكره في اثبات الامر الثابت، وأوضحه من الامر الواضح فشكر الله سعيه وجزاء ما يستحقه، وإذا عرفت) هذا فاعلم أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله لم يزل في ارشاد أمته من أول بعثته إلى آخر أيامه من الدنيا يبين لهم ما فيه رشادهم وصلاح معادهم ومعاشهم، بطرق مختلفة بالاجمال والتفصيل، بالإشارة والتصريح، بألفاظ عامة وبيانات خاصة غير حديث الثقلين وحديث السفينة، واليك بعضها وهي كثيرة رواها علماء السنة وعلماء الإمامية رحمهم الله.