شاكرا ومن شكر الله أعطاه فيما أنعم عليه ولا قوة الا بالله.
18 - واما حق رعيتك بالعلم، فان تعلم ان الله قد جعلك لهم فيما آتاك من العلم وولاك من خزانة الحكمة، فان أحسنت فيما ولاك الله من ذلك وقمت به لهم مقام الخازن الشفيق الناصح لمولاه في عبيده، الصابر المحتسب الذي إذا رأى ذا حاجة أخرج له من الأموال التي في يديه كنت راشدا وكنت لذلك آملا معتقدا والا كنت له خائنا ولخلقه ظالما ولسلبه وعزه متعرضا.
19 - واما حق رعيتك بملك النكاح، فان تعلم أن الله جعلها سكنا ومستراحا وانسا وواقية وكذلك كل واحد منكما يجب ان يحمد الله على صاحبه ويعلم أن ذلك نعمة منه عليه ووجب ان يحسن صحبة نعمة الله ويكرمها ويرفق بها وان كان حقك عليها أغلظ وطاعتك بها ألزم فيما أحببت وكرهت ما لم تكن معصية، فان لها حق الرحمة والمؤانسة وموضع السكون إليها قضاء اللذة التي لا بد من قضائها وذلك عظيم ولا قوة الا بالله.
20 - واما حق رعيتك بملك اليمين فان تعلم انه خلق ربك ولحمك ودمك وانك تملكه لا أنت صنعته دون الله ولا خلقت له سمعا ولا بصرا ولا أجريت له رزقا ولكن الله كفاك ذاك بمن سخره لك وائتمنك عليه واستودعك إياه لتحفظه فيه وتسير فيه بسيرته فتطعمه مما تأكل وتلبسه مما تلبس ولا تكلفه ما لا يطيق فان كرهت [ه] خرجت إلى الله منه واستبدلت به ولم تعذب خلق الله ولا قوة الا بالله.
21 - فحق أمك ان تعلم انها حملتك حيث لا يحمل أحد أحدا وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحدا وانها وقتك بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها وجميع جوارحها مستبشرة بذلك، فرحة موبلة، محتملة لما فيه مكروهها والمها وثقلها وغمها حتى دفعتها عنك يد القدرة وأخرجتك إلى الأرض فرضيت ان تشبع تجوع هي وتكسوك وتعرى و ترويك وتظمأ وتظلك وتضحى وتنعمك ببؤسها وتلذذك بالنوم بأرقها وكان بطنها لك وعاءا وحجرها لك حواءا وثديها