أكره مما قال غيرها، وكان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلى من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر! فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش! وكثر اللغظ وارتفعت الأصوات حتى خشيت الاختلاف فقلت أبسط يدك يا أبا بكر! فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعه الأنصار، أما والله ما وجدنا فيما حضرنا أمرا هو أوفق من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة فإما أن نتابعهم على ما لا نرضى وإما أن نخالفهم فيكون فيه فساد ".
وقال ابن حجر المكي في [الصواعق]: " روى الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب بعد القرآن بإجماع من يعتد به: أن عمر رضي الله عنه خطب الناس مرجعه من الحج فقال في خطبته: قد بلغني أن فلانا منكم يقول: لو مات عمر بايعت فلانا! فلا يغترن (يغرن. ظ) امرأ أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة، ألا وإنها كذلك إلا أن الله وقى شرها، وليس فيكم اليوم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر.
وأنه كان من خبرنا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عليا والزبير ومن معهما تخلفوا في بيت فاطمة وتخلفت الأنصار عنا بأجمعها في سقيفة بني ساعدة، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت له: يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار، فانطلقنا نؤمهم - أي نقصدهم حتى لقينا رجلان صالحان فذكر لنا الذي صنع القوم، قالا أين تريدون يا معشر المهاجرين؟
فقلنا: نريد إخواننا من الأنصار فقالا: لا عليكم أن تقربوهم واقضوا أمركم يا معشر المهاجرين! فقلت: والله لنأتينهم، فانطلقنا حتى جئنا هم في سقيفة بني ساعدة فإذا هم مجتمعون فإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل فقلت: من هذا؟