وقال أبو حاتم محمد بن حبان التميمي البستي: " أخبرنا محمد بن الحسن ابن قتيبة النحمي بعسقلان، ثنا: محمد بن المتوكل، ثنا: عبد الرزاق أنا:
معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس، قال:
كنت عند عبد الرحمن بن عوف في خلافة عمر بن الخطاب، فلما كان في آخر حجة حجها عمر أتاني عبد الرحمن بن عوف في منزلي عشاءا، فقال: لو شهدت أمير المؤمنين! اليوم وجاءه رجل وقال: يا أمير المؤمنين! إني سمعت فلانا يقول: لو قد مات أمير المؤمنين لبايعت فلانا! فقال عمر: إني لقائم العشية في الناس ومحذرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغتصبوا المسلمين أمرهم - فقلت: يا أمير المؤمنين! إن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاهم وإنهم الذين يغلبون على مجلسك، وإني أخشى أن تقول فيهم اليوم مقالة لا يعونها ولا يضعونها مواضعها وأن يطيروا بها كل مطير، ولكن أمهل يا أمير المؤمنين! حتى تقدم المدينة فإنها دار السنة ودار الهجرة فتخلص بالمهاجرين والأنصار وتقول ما قلت متمكنا فيعوا مقالتك ويضعونها مواضعها.
قال عمر: أما والله لا قومن به في أول مقام أقومه بالمدينة. قال ابن عباس:
فلما قدمنا المدينة وجاء يوم الجمعة هجرت لما حدثني عبد الرحمن بن عوف، فوجدت سعيد بن زيد بن نقيل قد سبقني بالتهجر جالسا إلى جنب المنبر فجلست إلى جنبه تمس ركبتي ركبته، فلما زالت الشمس خرج علينا عمر فقلت وهو مقبل: أما والله ليقولن اليوم أمير المؤمنين على هذا المنبر مقالة لم يقل قبله! قال فغضب سعيد بن زيد فقال: وأي مقالة يقول لم يقل قبله؟ فلما ارتقى عمر المنبر أخذ المؤذن في أذانه فلما فرغ من أذانه.
قام عمر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد، فإني أريد أن أقول مقالة قد قدر لي أن أقولها، فمن وعاها فليحدث بها حيث تنتهي به راحلته