فإنه كفر بكم أو كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تطروني كما أطري عيسى بن مريم وقولوا عبد الله ورسوله. ثم إنه قد بلغني أن فلانا قال: والله لو قد مات عمر بن الخطاب لقد بايعت فلانا فلا يغرن امرء أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت! وإنها قد كانت كذلك إلا أن الله قد وقى شرها، وليس فيكم من تنقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر، فمن بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فإنه لا بيعة له هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا.
انه كان من خبرنا حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن الأنصار خالفونا فاجتمعوا بأشرافهم (بأسرهم. ظ) في سقيفة بني ساعدة، وتخلف عنا علي بن أبي طالب والزبير بن العوام ومن معهما. واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت لأبي بكر: انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار، فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا منهم رجلان صالحان فذكرا لنا ما تمالا عليه القوم وقالا:
أين تريدون؟ يا معشر المهاجرين! قلنا: نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار، قالا: فلا عليكم أن لا تقربوهم يا معشر المهاجرين! اقضوا أمركم! قال: قلت:
والله لنأتينهم.
فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل فقلت: من هذا؟ فقالوا: سعد بن عبادة، فقلت: ما له؟ فقالوا: وجع، فلما جلسنا تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو له أهل ثم قال: أما بعد، فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا وقد دفت دافة من قومكم، قال: وإذا هم يريدون أن يجتازونا (يختزلونا. ظ) من أصلنا ويغتصبونا الأمر. فلما سكت أردت أن أتكلم وقد زورت في نفسي مقالة قد أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد، فقال