وأنت خبير بأن اللازم من ذلك أن من اتصف بفسق ما وقتا ما لا يجوز أن يكون نبيا أو إماما، فيلزم وجوب عصمتهم من أول العمر إلى آخره من الكبائر وغيرها على رغمه ورغم أصحابه، وكأن هذا الكلام إنما صدر منه بغير روية، وأجراه الله على لسانه ليكون حجة عليه وفضيحة له عند الله وعند الناس.
ويفهم من كلام صاحب الكشاف اشتراط العدالة في القاضي والشاهد والراوي وامام الجماعة، مع أنه حنفي المذهب، وذلك لا يلائم مذهب الحنفية.
مع أنه قد أورد عليه أن الواسطة بين الظالم والعدل ثابتة، فلا يلزم من نفي صلاحية الأول للإمامة اشتراط العدالة في الامام، الا أن يضم إلى ذلك مقدمة أجنبية، وهي أن كل من لم يجوزها للفاسق لم يجوزها لغير العدل، والفصل خرق للاجماع المركب (1).
وقد يجاب بأنه لا واسطة بحسب الواقع بين وصفي العدالة والفسق، لأن العدالة هي الملكة النفسانية المانعة عن فعل الكبائر والاصرار على الصغائر ومنافيات المروة، فان كانت حاصلة فذاك، والا لزم الفسق، وتوسط مجهول الحال إنما هو بين من علم فسقه أو عدالته.
ولي في هذا الجواب نظر، لأن فقد الملكة المذكورة إن كان فسقا ولو كان بفقد بعض مقتضياتها كالمروة مثلا، لم يلزم أن يكون من اتصف بالفقد المذكور ظالما، وهذا بين لا سترة به.
وكيف يتوهم أن فقد المروة ظلم؟ مع عدم ايجاب لوازم المروة شرعا، وعدم تعلق التكليف بها، وقضية الآية إنما هو عدم جواز كون الظالم إماما، والواسطة بين الظالم والعدل متحققة على هذا التقدير، وان لم يلزم من مجرد فقد الملكة المذكورة