كتاب الأربعين - الشيخ الماحوزي - الصفحة ٥٨
الصادقين) (1) وقد ذكره المحقق الطوسي (قدس سره) في التجريد، والشهيد في أوائل الذكرى (2) وغيرهما.
وقد روى محمد بن الحسن الصفار في كتاب بصائر الدرجات باسناده عن بريد العجلي، عن الباقر (عليه السلام) في تفسير هذه الآية ما يؤيد ما فهمه أصحابنا رضي الله عنهم، منها قال: سألته عن قول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) قال: إيانا عني (3).

(١) التوبة: ١١٩.
(٢) الذكرى ص ٥.
(٣) بصائر الدرجات ص ٣١، باب في الأئمة أنهم الصادقون. روي نحو ذلك عن مولانا الرضا (عليه السلام). وذكر مولانا المفيد (رحمه الله)، في الفصول التي جمعها السيد المرتضى (رحمه الله): أنه قد جاءت آثار كثيرة مستفيضة بذلك.
وقال (قدس سره) في تقرير ذلك: قد ثبت أن الله سبحانه دعا المؤمنين في هذه الآية إلى اتباع الصادقين، والكون معهم فيما يقتضيه الدين، وثبت أن المنادي به يجب أن يكون غير المنادى إليه، لاستحالة أن يدعى الانسان إلى الكون مع نفسه والاتباع لها.
فلا يخلو أن يكون الصادقون الذين دعا الله تعالى إلى اتباعهم جميع من صدق وكان صادقا، حتى يعمهم اللفظ ويستغرق جنسهم، أو يكونوا بعض الصادقين.
وقد تقدم افسادنا لمقال من زعم أنه عم الصادقين، لأن كل مؤمن فهو صادق بايمانه، فكان يجب بذلك أن يكون الدعاء للانسان إلى اتباع نفسه، وذلك محال على ما ذكرناه.
وان كانوا بعض المؤمنين دون بعض، فلا يخلو من أن يكونوا معهودين معروفين، فتكون الألف واللام للعهد، أو يكونوا غير معروفين معهودين، فان كانوا معهودين فيجب أن يكونوا معروفين غير مختلف فيهم، فتأتي الروايات بأسمائهم والإشارة إليهم خاصة، و أنهم طائفة معروفة عند من سمع الخطاب من الرسول (صلى الله عليه وآله).
وفي عدم ذلك دليل على بطلان من ادعى أن هذه الآية نزلت في جماعة غير من ذكرناه كانوا معهودين. وان كانوا غير معهودين، فلابد من الدلالة عليهم ليمتازوا ممن يدعي مقامهم، والا بطلت الحجة لهم، وسقط تكليف اتباعهم.
وإذا ثبت أنه لابد من الدليل عليهم، ولم يدع أحد من الفرق دلالة على غير من ذكرناه، ثبت أنها فيهم خاصة، لفساد خلو الآية كلها من تأويلها وعدم أن يكون القصد إلى أحد منهم بها. انتهى. وهو تقرير حسن غير المذكور من الذكرى (منه).
راجع: الفصول المختارة ص ٩٩ - 100 ط النجف الأشرف.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست