في مقام المشاهدة الحقيقية الحاجبة عن مشاهدة عالم الأجرام، للاشتغال بما هناك عنها.
ولهذا كان مقام الاخبار بمغيبات عالم الكون والفساد ليس هومن المقامات العلوية، ولا من خواص أهل الله، لأنهم لعلو هممهم يتنزهون عن ذلك، لأن مطلوبهم إنما هو المشاهدة الحقة والاستغراق في جناب القدس، وهو جناب مدهش مشغل عما سواه، ولهذا احتاج الأنبياء في تدبير النوع الانساني إلى الوحي المنزل (1) على أيدي الملائكة لتعريف الحوادث الكونية.
فأولياؤه عليه وعليهم السلام يشاهدون منه جميع ذلك على التفصيل، فتخلقوا بجميع أخلاقه التي وصفها الله تعالى بالعظيم في قوله (وانك لعلى خلق عظيم) (2) والعظيم لا يقول في شئ أنه عظيم الا إذا كان في غاية ما يكون من العظمة، واقتدوا به في جميع مسالكه الاجمالية والتفصيلية، ثم حصل لهم مع تمام النسب المعنوي الحاصل لهم بسبب التشبه التام، والتخلق الحقيقي بجميع أخلاقه النسب الصوري والقرب اللحمي والدموي.
فاشتركت المواد واتحدت الصور، فكانوا في الحقيقة هم هو وهو هم باعتبار النسبتين، فصاروا بذلك أهل الجمعية التامة والمقامات العامة، فتحقق لهم مزيد الفضل والاختصاص بالكمالات الحقيقية على من سواهم من سائر الأنبياء والأولياء، كما تحقق له (عليه السلام) ذلك من غير فرق.
فافهم مقاماتهم الإلهية وخصائصهم النبوية، وانها مقامات عزيزة الاحكام عزيزة المرام، فاعرفها جدا تكن عارفا بهم حق المعرفة التي وجبت عليك بقوله (صلى الله عليه وآله): من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية. انتهى كلامه أعلى الله