هذا (1) انتهى.
ولو سلمنا أنه (صلى الله عليه وآله) استصحبه وأمره بالخروج معه كما يقول الخصم، لم يدل على جلالة قدره، أو محبة النبي (صلى الله عليه وآله) له، بل ربما دل على ضد ذلك، فقد روى مخالفونا أيضا أنه (صلى الله عليه وآله) إنما استصحبه إلى الغار خوفا منه أن يدل عليه الكفار.
وروى ذلك أبو القاسم ابن الصباغ في كتاب النور والبرهان، فإنه روى فيه مرفوعا، عن أحمد (2) بن إسحاق، قال: قال حسان: قدمت مكة معتمرا وناس من قريش يقذفون أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فنام علي على فراشه وخشي من ابن أبي قحافة أن يدلهم عليه، فأخذه معه ومضى إلى الغار. كذا حكاه صاحب الطرائف عطر الله مرقده (3). وهذا هو الوجه اللائق باستصحاب هذا المنافق.
والعجب من النواصب كيف يستحسنون رواية مثل هذا وايداعه كتبهم ومصنفاتهم، ثم يدعون أنه أفضل الأمة، وأنه الخليفة بالحق بعد الرسول (صلى الله عليه وآله)، ما هذا الا من تعصب جاهلي، وتحكم شيطاني استولى على قلوبهم المنكوسة، وران على بصائرهم المطموسة.
قال في الطرائف: وقال صاحب هذا الكتاب في باب الهجرة إلى المدينة، رفعه إلى سعيد بن المسيب، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال سعيد: فقلت لعلي بن الحسين (عليهما السلام): قد كان أبو بكر مع الرسول (صلى الله عليه وآله) حين انتقل إلى المدينة، فأين فارقه؟
فقال: ان أبا بكر لما قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى قبا، فنزل بها ينتظر قدوم علي (عليه السلام)، قال له أبو بكر: انهض بنا إلى المدينة، فان القوم قد فرحوا بقدومك، وهم يستبشرون اقبالك إليهم، فانطلق بنا ولا تقم هاهنا تنتظر عليا، فما أظنه أن تنتظره شهرا ولا دهرا.