فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): كلا بفيك الحجر ما أسرعه يقدم، ولا أزيل قدما حتى يقدم علي ابن عمي وأخي في الله، وأحب أهل بيتي إلي، فقد وقاني بنفسه من المشركين، وخفت غيره أن يدلهم علي.
فغضب عند ذلك أبو بكر واشمأز وجهه ودخله من ذلك حسد لعلي (عليه السلام)، وكان أول عداوة بدت منه لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأسرها في نفسه حقدا، فانطلق حتى دخل المدينة وحده، وتخلف رسول الله (صلى الله عليه وآله) ينتظر قدوم علي بن أبي طالب (عليه السلام).
ثم قال صاحب الطرائف قدس الله روحه: قال عبد المحمود: وفي هذا الحديث ما يكشف لك عن السرائر، وينبهك عن الحق الباهر، ان كنت من أهل البصائر وتخاف من اليوم الآخر (1).
وهو كما قال عطر الله مرقده، وبعد اللتيا والتي فليس مجرد الاستصحاب في السفر دليلا على الفضيلة بوجه، فان الرجل يستصحب في سفره العبد والخادم، وان كانا فاسقين ممقوتين عنده.
ولو سلم لم يدل على الأفضلية وهو المدعى، ولو سلم لم يدل على الإمامة، لأنهم لم يشترطوا في الامام كونه أفضل أهل زمانه، ومنهم من لم يشترط عدالته.
قال العلامة التفتازاني في شرح العقائد: لا يشترط أن يكون الامام أفضل أهل زمانه، لأن المساوي في الفضيلة بل المفضول الأقل علما وعملا ربما كان أعرف بمصالح الأمة ومفاسدها، وأقدر على القيام بواجبها، وخصوصا إذا كان نصب المفضول أدفع للشر وأبعد عن إثارة الفتنة، ولهذا جعل عمر الإمامة شورى بين ستة، مع القطع بأن بعضهم أفضل من البعض.
ثم قال: ولا ينعزل الامام بالفسق والجور وظلم عباد الله، لأنه قد ظهر الفسق وانتشر الجور من الأئمة والامراء بعد الخلفاء الراشدين، وكانوا ينقادون لهم،