كتاب الأربعين - الشيخ الماحوزي - الصفحة ٢٩
من عاداه (1).
أقول: هذا من الأحاديث المشهورة (2)، وقوله صلى الله عليه وآله (من كنت مولاه فعلي مولاه) من الأخبار المستفيضة التي لم ينفرد أحد بايرادها دون أحد، بل أوردوها أصحاب الأصحة جميعهم بطرق متعددة ومتون متقاربة حتى نزلت منزلة المتواتر الذي لا يتداخله الريب، ولا يتطرق إليه اللبس، بل هومن أعلى مراتبه عند التحقيق، كما يشهد به الاستقراء والتتبع لمسانيد الخصوم وأصحتهم (1).
روى أحمد بن حنبل، وهو من عمدة محدثي القوم وأحد أئمتهم في مسنده، وموفق الخوارزمي (4) في مناقبه، عن ابن عباس، عن بريدة الأسلمي، قال: غزوت مع علي (ع) إلى اليمن، فرأيت منه جفوة، فقدمت على النبي (صلى الله عليه وآله)، فذكرت عليا (ع) فنقصته، فرأيت وجه رسول الله (ص) قد تغير، وقال: يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم (5)؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: من كنت مولاه فعلي

(١) رواه عن الطبراني ابن المغازلي في المناقب ص ٢٦ - ٢٧ برقم: ٣٨، وأبو نعيم في حلية الأولياء ٥: ٢٦ - ٢٧ ط دار الفكر، وأيضا في كتابه أخبار أصفهان ١: ١٠٧ ط ليدن.
(٢) روى حديث المناشدة بهذا السند والمتن جماعة من أعلام السنة، منهم الحافظ النسائي في الخصائص ص ٢٢ ط مصر، وابن كثير في البداية والنهاية ٥: ٢١١ ط القاهرة، والحافظ نور الدين الهيثمي في مجمع الزوائد (صلى الله عليه وآله): ١٠٨ ط القاهرة، وابن حجر في الكاف الشاف ٢٦: ٢٩ ط مصر وغيرهم.
(٣) راجع تفصيل ذلك إلى كتاب إحقاق الحق ج ٢: ٤٢٦ - ٤٦٥ و ج ٣: ٣٢٢ - ٣٢٧ و ج ٦: ٢٢٥ - ٣٠٤ و ج ١٦: ٥٥٩ - ٥٨٧ و ج ٢١: ١ - ٩٣.
(٤) هو الشيخ الصدوق المعظم أخطب خطباء خوارزم موفق بن أحمد المكي تلميذ الامام الزمخشري، واستاد العلامة المطرزي، وبطريقنا إلى الشيخ الجليل أسعد بن عبد القاهر نروي كتب هذا الشيخ ومصنفاته (منه).
(٥) تقديم المقدمة الأولى، وهو قوله (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم) ينادي على أن المراد بالأولى الأولى بالتصرف المطلق، كما يأتي بيانه في حديث الغدير (منه)
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست