تتبع كلامه في الفتوحات المكية، في الكتاب المذكور في الباب الثلاثمائة والستة والستين ما نصه: ان لله خليفة (1) يخرج من عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ولد فاطمة (عليها السلام) يواطئ اسمه اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، جده الحسين بن علي (عليهما السلام)، يبايع بين الركن والمقام، يشبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الخلق - بفتح الخاء - وينزل عنه في الخلق - بضم الخاء - أسعد الناس به أهل الكوفة، يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا، يضع الجزية، ويدعو إلى الله بالسيف، ويرفع المذاهب، فلا يبقى الا الدين الخالص، أعداؤه مقلدة العلماء أهل الاجتهاد، لما يرونه يحكم بخلاف ما ذهب إليه أئمتهم، فيدخلون كرها تحت حكمه خوفا من سيفه، وتفرح به عامة المسلمين أكثر من خواصهم.
يبايعه العارفون من أهل الحقائق عن شهود وكشف بتعريف الهي، له رجال الهيون يقيمون دعوته وينصرونه، ولولا أن السيف بيده لأفتى الفقهاء بقتله، ولكن الله يظهره بالسيف والكرم، فيطمعون ويخافون ويقبلون حكمه من غير ايمان، ويضمرون خلافه، ويعتقدون فيه إذا حكم فيهم بغير مذهب أئمتهم أنه على ضلال في ذلك.
لأنهم يعتقدون أن أهل الاجتهاد وزمانه قد انقطع، وما بقي مجتهد في العالم، وان الله لا يوجد بعد أئمتهم أحدا له درجة الاجتهاد. وأما من يدعي التعريف الإلهي بالأحكام الشرعية، فهو عندهم مجنون فاسد الخيال (2).
هذا كلامه، وهو صريح الدلالة على ما عليه أصحابنا رضوان الله عليهم، من جهات عديدة (3) لا تخفى على من تأملها بعين البصيرة، وتناولها بيد غير قصيرة.