الذي قال؟ قلت: قال له: يا عبد الله بطل حجك، ثم إنما هو حجر لا يضر ولا ينفع، فقال أبو عبد الله عليه السلام: كذب ثم كذب ثم كذب، إن للحجر لسانا ذلقا يوم القيامة يشهد لمن وافاه بالموافاة، ثم قال: إن الله تبارك وتعالى لما خلق السماوات والأرض خلق بحرين بحرا عذبا وبحرا أجاجا فخلق تربة آدم من البحر العذب وشن عليها من البحر الأجاج، ثم جبل آدم فعرك عرك الأديم فتركه ما شاء الله، فلما أراد أن ينفخ فيه الروح أقامه شبحا فقبض قبضة من كتفه الأيمن فخرجوا كالذر، فقال: هؤلاء إلى الجنة، وقبض قبضة من كتفه الأيسر فقال: هؤلاء إلى النار، فأنطق الله عز وجل أصحاب اليمين وأصحاب اليسار فقال أهل اليسار: يا رب لم خلقت لنا النار ولم تبين لنا ولم تبعث إلينا رسولا؟ فقال الله عز وجل لهم: ذلك لعلمي بما أنتم صائرون إليه وإني سائلكم فأمر الله عز وجل النار فأسعرت، ثم قال: لهم تقحموا جميعا في النار فإني أجعلها عليكم بردا وسلاما، فقالوا: يا رب إنما سألناك لأي شئ جعلتها لنا هربا منها ولو أمرت أصحاب اليمين ما دخلوا، فأمر الله عز وجل النار فأسعرت ثم قال لأصحاب اليمين: تقحموا جميعا في النار فتقحموا جميعا فكانت عليهم بردا وسلاما، فقال لهم جميعا: ألست بربكم؟ قال أصحاب اليمين: بلى طوعا، وقال أصحاب الشمال: بلى كرها فأخذ منهم جميعا ميثاقهم وأشهدهم على أنفسهم، قال: وكان الحجر في الجنة فأخرجه الله عز وجل فالتقم الميثاق من الخلق كلهم فذلك قوله عز وجل " وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه ترجعون " فلما أسكن الله عز وجل آدم الجنة وعصى أهبط الله عز وجل الحجر فجعله في ركن بيته وأهبط آدم على الصفا فمكث ما شاء الله، ثم رآه في البيت فعرفه وعرف ميثاقه وذكره، فجاء إليه مسرعا فأكب عليه وبكى عليه أربعين صباحا تائبا من خطيئته ونادما على نقضه ميثاقه، قال: فمن أجل ذلك أمرتم أن تقولوا إذا استلمتم الحجر: أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة يوم القيامة (1).
(٢١٨)