بين رمل وطين وماء، ويا مخلص اللبن من بين فرث ودم، ويا مخلص الولد من بين مشيمة ورحم، ويا مخلص النار من بين الحديد والحجر، ويا مخلص الروح من بين الأحشاء والأمعاء، خلصني من يدي هارون ".
قال: فلما دعا موسى عليه السلام بهذه الدعوات رأى هارون رجلا أسود في منامه وبيده سيف قد سله واقفا على رأس هارون، وهو يقول: يا هارون أطلق عن موسى ابن جعفر، وإلا ضربت علاوتك بسيفي هذا، فخاف هارون من هيبته، ثم دعا الحاجب فجاء الحاجب فقال له: اذهب إلى السجن، وأطلق عن موسى بن جعفر قال: فخرج الحاجب فقرع باب السجن، فأجابه صاحب السجن، فقال: من ذا؟
قال: إن الخليفة يدعو موسى بن جعفر فأخرجه من سجنك وأطلق عنه، فصاح السجان: يا موسى إن الخليفة يدعوك.
فقام موسى بن جعفر مذعورا فزعا وهو يقول: لا يدعوني في جوف هذه الليلة إلا لشر يريد بي، فقام باكيا حزينا مغموما آيسا من حياته فجاء إلى عند هارون وهو يرتعد فرائصه، فقال: سلام على هارون، فرد عليه السلام ثم قال له هارون:
ناشدتك بالله هل دعوت في جوف هذه الليلة بدعوات؟ فقال: نعم، قال: وما هن؟
قال: جددت طهورا، وصليت لله عز وجل أربع ركعات، ورفعت طرفي إلى السماء وقلت يا سيدي خلصني من يدي هارون وشره، وذكر له ما كان من دعائه.
فقال هارون: قد استجاب الله دعوتك يا حاجب أطلق عن هذا، ثم دعا بخلع فخلع عليه ثلاثا، وحمله على فرسه، وأكرمه وصيره نديما لنفسه، ثم قال: هات الكلمات حتى أثبتها، ثم دعا بدوات وقرطاس وكتب هذه الكلمات، قال: فأطلق عنه وسلمه إلى حاجبه ليسلمه إلى الدار، فصار موسى بن جعفر عليه السلام كريما عند هارون وكان يدخل عليه في كل خميس (1).
3 - أقول: قد أوردنا في احتجاج الحسن بن علي صلوات الله عليهما على