كوخ (1) من جرائد النخل، فإذا أنا بغلام أسود، فقلت له: استأذن لي على مولاك يرحمك الله، فقال لي: لج ليس له حاجب ولا بواب، فولجت إليه فإذا أنا بغلام أسود بيده مقص يأخذ اللحم من جبينه وعرنين أنفه، من كثرة سجوده.
فقلت له: السلام عليك يا ابن رسول الله أجب الرشيد! فقال: ما للرشيد ومالي؟
أما تشغله نعمته عني؟ ثم قام مسرعا وهو يقول: لولا أني سمعت في خبر عن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله أن طاعة السلطان للتقية واجبة إذا ما جئت فقلت له: استعد للعقوبة يا با إبراهيم رحمك الله، فقال عليه السلام: أليس معي من يملك الدنيا والآخرة، ولن يقدر اليوم على سوء بي إن شاء الله، قال الفضل بن الربيع فرأيته وقد أدار يده يلوح بها على رأسه، ثلاث مرات.
فدخلت إلى الرشيد فإذا هو كأنه امرأة ثكلى قائم حيران فلما رآني قال لي:
يا فضل! فقلت: لبيك، فقال: جئتني بابن عمي؟ قلت: نعم، قال: لا تكون أزعجته، فقلت: لا، قال: لا تكون أعلمته أني عليه غضبان فاني قد هيجت علي نفسي ما لم أرده، ائذن له بالدخول، فأذنت له، فلما رآه وثب إليه قائما وعانقه وقال له: مرحبا بابن عمي وأخي ووارث نعمتي.
ثم أجلسه على فخذه، وقال له: ما الذي قطعك عن زيارتنا؟ فقال: سعة ملكك وحبك للدنيا فقال: ائتوني بحقة الغالية فاتي بها فغلفه بيده (2) ثم أمر أن يحمل بين يديه خلع وبدرتان دنانير، فقال موسى بن جعفر عليه السلام: والله لولا أني أرى من أزوجه بها من عزاب بني أبي طالب، لئلا ينقطع نسله ابدا ما قبلتها ثم تولى عليه السلام وهو يقول: الحمد لله رب العالمين.
فقال الفضل: يا أمير المؤمنين أردت أن تعاقبه فخلعت عليه وأكرمته؟ فقال لي: يا فضل إنك لما مضيت لتجيئني به، رأيت أقواما قد أحدقوا بداري، بأيديهم حراب قد غرسوها في أصل الدار يقولون: إن آذى ابن رسول الله صلى الله عليه وآله خسفنا به